«نظام التقاعد والموت الرحيم».. فرنسا على صفيح ساخن
في أوائل مارس الماضي، مرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشروع قانون بإصلاح نظام التقاعد ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، دون تصويت في الجمعية الوطنية، وهو ما واجه رفضًا قاطعًا من النقابات العمالية وكذلك أغلبية الشعب الفرنسي، ونشبت على إثر تمرير القانون مظاهرات عارمة في شوارع العاصمة الفرنسية باريس والعديد من المدن الأخرى.
نظام التقاعد الفرنسي
تعتمد فرنسا أدنى سن للتقاعد في الدول الأوروبية، دون المقارنة مع الدول الأخرى ويدفع العاملون من رواتبهم لتمويل معاشات المتقاعدين، ويوجد العديد من الامتيازات للمتقاعدين من القطاعين الخاص والعام، ومع النظام الجديد الذي يسعى ماكرون إلى تطبيقه، سترتفع عدد سنوات العمل المطلوبة من الموظفين للحصول على معاش تقاعدي كامل، فضلًا عن مقارنته مع الدول الأوروبية الأخرى، ويأتي ذلك وسط تدهور كبير تشهده صناديق التقاعد والشيخوخة الفرنسية.
يكلف موازنة الدولة
الحكومة الفرنسية بررت تمرير القانون، بأن التقاعد المبكر يكلف الدولة ميزانية أكبر، خاصة أن هناك العديد من المميزات للتقاعد المبكر، وهو ما حاول الرئيس الفرنسي تعديله من أجل أن يعمل الفرنسيون أكثر دون ضغوطات على الموازنة.
وينص مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الشيوخ الفرنسي، على رفع سن التقاعد القانوني تدريجيًا من 62 إلى 64 عامًا، بواقع 3 أشهر سنويًا اعتبارًا من سبتمبر 2023 وحتى 2030، وكذلك زيادة مدة الاشتراكات المطلوبة في الضمان الاجتماعي من 42 إلى 43 عامًا، حتي يتمكن المتقاعد من الحصول على معاشه التقاعدي كاملًا دون أن تلحق به أية خصومات.
ومن المنتظر أن يحسم المجلس الدستوري الفرنسي الأمر في 14 أبريل الجاري، وذلك بعد تقدم المعارضة الفرنسية بثلاثة طعون ضد مشروع القانون.
احتجاجات عارمة
بعد تمرير ماكرون لمشروع القانون اندلعت المظاهرات والاحتجاجات في العاصمة باريس والعديد من المدن الأخرى، تعبيرًا عن رفض القانون ووسط مطالبات بسحب الثقة من الحكومة، وسط تجاهل من الحكومة والرئيس الذي خرج قبل أيام وأعلن صراح عدم وجود نية للتراجع عن تطبيق هذا القانون، بينما حذر وزير الداخلية جيرالد دارمانان من أعمال عنف وشغب حقيقية يمكن أن تصل إلى «إحراق باريس».
ونظمت النقابات العمالية العديد من الاحتجاجات في جميع القطاعات، وبحسب بيانات النقابات فإن عدد المحتجين منذ بداية الإضرابات وصل إلى ما يزيد عن 3 مليون مواطن فرنسي منهم حوالي 93 ألف متظاهر في العاصمة باريس، فضلًا عن 13 ألف شرطي من بينهم 5500 بالعاصمة.
وبحسب وزير الداخلية الفرنسي فإن عدد إصابات رجال الشرطة وصل إلى 1100 مصاب، فيما وقعت 2579 حادثة حرق متعمد و 316 هجومًا على منشآت ومبانٍ عامة.
ووسط الإضرابات تحولت مدينة العطور إلى أكوام من القمامة، بسبب إضراب العاملين والنقابات الخاصة بجمع القمامة، وتراكمت القمامة في الشوارع والميادين، بالإضافة إلى إلغاء شركات النقل حوالي 20 % من رحلاتها.
الموت الرحيم
وسط الجدل الدائر حول نظام التقاعد، نشرت جريدة "لوموند الفرنسية" أمس، تقريرًا حول اتجاه حكومة ماكرون إلى تعديل "قانون ليونيتي" أو ما يعرف بقانون "القتل الرحيم"، الذي أقرته فرنسا عام 2005، وهو تعمد إنهاء حياة شخص لإنهاء آلامه ومعاناته، تحت إشراف طبي.
وبموجب التعديلات المقترحة، أن يتم إعطاء المريض الذي يعاني آلامًا حادة، علاجًا قويً يكون له تأثيرات جانبية قد تؤدي إلى تسريع موته، من أجل تخفيف معاناته.