ماذا يحدث في السودان؟ وما هي قوات الدعم السريع؟
شهد السودان، اليوم السبت، اشتباكات مسلحة، بين قوات الجيش السوداني، بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو حمديتي.
وتبادل الطرفان، الاتهامات، بشأن المسؤولية عن اندلاع المواجهات المسلحة بينهما في العاصمة الخرطوم، وفي مروي شمالي السودان.
الجيش السوداني اتهم في بيان له، قوات الدعم السريع بالغدر والخيانة، وأنها حاولت مهاجمة الجيش في المدينة الرياضية ومواقع أخرى، وأن القوات المسلحة تتصدى لهذا الهجوم، في المقابل أعلنت قوات الدعم السريع، أن عناصر الجيش السوداني دخلت مقر تواجد قوات الدعم السريع بالخرطوم، وأنهم هجموا هجومًا كاسحًا بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وما بين الاتهامات المتبادلة ومع تزايد حدة الاشتباكات، تزايدت التساؤلات حول ما هي قوات الدعم السريع ومتى تأسست ومن يقودها.
ميليشيات الجنجويد
ميليشيات الجنجويد هي ميليشيات تأسست بإشراف مباشر من الرئيس المعزول عمر البشير عامي 2002 و 2033، وكانت تهدف إلى القضاء على الحركات المتمردة التي ظهرت وأعلنت معاداتها للنظام السوداني آنذاك، وكان من ضمن المنضمين لهذه الميليشات الفريق أول محمد حمدان دقلو حمديتي، الذي شغل نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي فيما بعد.
أصبح حمديتي أحد قادة الميليشيات وانضم له عشرات الآف من المقاتلين، وحاول بعد ذلك التقرب من البشير، وعينه البشير مستشارًا له بالخرطوم، ومع تزايد حدة الاتهامات الموجهة إلى الجنجويد من المنظمات الدولية، قرر أن تكون الميليشيات تابعة لجهاز حرس الحدود، كإجراء شكلي، ولكن عملها قائم.
قوات الدعم السريع
وفي أغسطس 2013 تم تغيير المسمى إلى قوات الدعم السريع، وتم إعادة هيكلة قوات الدعم لتصبح تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني بالسودان، وتم الإبقاء عليها لمواجهة الجماعات المتمردة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق، ووفقًا لتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش فقد ارتكبت قوات الدعم السريع مجازر وجرائم حرب في دارفوار عامي 2014 و 2015، فضلًا عن نهب وجرائم اغتصاب وقتل للمدنيين.
في يناير 2017، أقر البرلمان أثناء حكم الرئيس المعزول عمر البشير «قانون قوات الدعم السريع»، وانتقلت تبعيتها من جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة السودانية، وتم الإقرار على أنها قوات تابعة للقائد العام للجيش: «الدعم السريع قوات عسكرية قومية التكوين، وتتقيد بالمبادئ العامة للقوات المسلحة السودانية».
ثورة 2019
في عام 2019 خرج آلاف المتظاهرين ضد الرئيس عمر البشير، مطالبين بإسقاطه وعزله، وهو ما دعا الجيش السوداني إلى الاستجابة لمطالب الشعب وخلع البشير، وأعلن عوض بن عوف وزير الدفاع آنذاك خلع الرئيس والتحفظ على قادته، وأعلن الجيش تشكيل مجلس عسكري مكون من عوض بن عوف وزير الدفاع رئيسًا، والفريق أول عبدالفتاح البرهان، والفريق أول محمد حمدان قلدو حمديتي.
ولكن لم يستطع المجلس العسكري إقناع الشعب السوداني بالتغييرات التي أجراها، ودبت الخلافات بين قادة المجلس العسكري، وعليه قرر عوض بن عوف التنحي من قيادةا المجلس، وأعلن اختيار الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيسًا للمجلس العسكري، وعلى إثر ذلك تأسس مجلس السيادة السوداني، على أن يكون نصفه عسكري ونصفه مدني، وأعلن البرهان أن مهمة المجلس تشكيل حكومة مدنية، وبعد تشكيل الحكومة برئاسة عبدالله حمدوك بوقت قصير، وقعت العديد من الخلافات وتم الإطاحة بالحكومة، الأمر الذي أشعل القوى المدنية ضد المجلس.
تقليص صلاحيات قوات الدعم
في يوليو 2019 أصدر رئيس المجلس العسكري الانتقالي آنذاك، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مرسومًا دستوريًا، بتعديل قانون قوات الدعم السريع، وقضى بحذف المادة (5) من القانون، والتي تنص على «الخضوع لأحكام قانون القوات المسلحة» بجميع فقراتها، ما جعلها شبه مستقلة عن الجيش، كما لا يحق لقادة الجيش عزل أو إقالة قادتها.
ثم صعدت قوات الدعم السريع إلى المشهد سريعًا في ثورة 2019، حيث قامت الحركة بالتحول إلى قوة كبيرة في الشارع السوداني، وأصبحت قوة عسكرية لا يستهان بها، ويقدر عدد المنضمين لها حسب محللون بحوالي 100 ألف مقاتل.
وخلال اعتصام القيادة العامة في 2019 قامت قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر بحق المتظاهرين السلميين، وهو ما دعا الشارع السوداني إلى لفظها.
الخلافات والاتفاق الإطاري
دبت الخلافات بين عبدالفتاح البرهان قائد الجيش، وحمدان حمديتي قائد قوات الدعم السريع، حول طريقة إدارة البلاد، وتم الدعوة إلى جلسات بين جميع الفصائل وهو ما تمخض عنه الاتفاق الإطاري.
على مدار عامين بدأت جلسات القوى العسكرية والمدنية بالسودان، من أجل الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف والوصول بالسودان إلى بر الأمان، ووقعت القوى على ما سمي بـ"الاتفاق الإطاري"، وتضمن اتفاق السلام، والإصلاح الأمني والعسكري، والعدالة وشرق السودان، وتفكيك تمكين نظام الإخوان.
وتضمنت ورشة الإصلاح العسكري والأمني، خريطة طريق لعملية دمج الفصائل المسلحة في جيش واحد، ومنها قوات الدعم السريع.
على مدار الأيام الماضية تزايدت حدة التصريحات بين البرهان وحمديتي، حيث خشي السودانيين من مواجهة عسكرية بين الطرفين، إلا أنهما أكدا أن هذا لن يحدث، ولكن وبعد ساعات قليلة من تصريحات البرهان وحمديتي، شهدت السودان اليوم السبت، حربًا بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش.
بدأ كل طرف يلقي بالاتهامات على الآخر، حيث اتهم الجيش السوداني، قوات الدعم السريع بالغدر والخيانة، وأنها حاولت مهاجمة الجيش في المدينة الرياضية ومواقع أخرى، وأن القوات المسلحة تتصدى لهذا الهجوم، في المقابل أعلنت قوات الدعم السريع، أن القوات المسلحة دخلت مقر تواجد قوات الدعم السريع في أرض المعسكرات بالخرطوم، وانهالت على القوات بهجوم كاسح.