صناع قمر ١٤ يلقي الضوء على مشاكلنا الاجتماعية، والمصريين تم عجنهم بالعنصرية لدرجة أنهم يرونها شيئا عاديا
شهدت الليلة الثالثة من ليالي مهرجان جمعية الفيلم بدورته التاسعة والأربعين، عرض فيلم "قمر ١٤" للمخرج هادي الباجوري، وعقب انتهاؤه أقيمت ندوة أدارها الناقد محمد نبيل بحضور مولف الفيلم السيناريست محمود زهران، ومصمم الأفيشات يوسف عادل، بينما تغيب عن الحضور كلا من المخرج هادي الباجوري بدون أسباب، بينما اعتذر مصمم الملابس خالد عزام عن الحضورلظروف قهرية.
بدأ نبيل الندوة بحديثه عن عرض الفيلم الأول في مهرجان الجونة السينمائي الدولي، ثم تم طرحه بعدها في دور العرض السينمائية، حيث حظى ليس بإشادة جماهيرية فحسب ولكن على إشادة النقاد، ووجه السؤال بعدها للمصمم يوسف عادل حول التحدي الذي واجهه أثناء تصميم البوستر خصوصا وهو يحمل هذا الكم من النجوم؟
ورد يوسف قائلا إن المقياس الأساسي أثناء التصميم هو الموضوع، عن ماذا يتحدث الفيلم وما الرسالة التي نريد إرسالها للجمهور من خلاله.
وأضاف، بالطبع كثرة عدد الممثلين تُلقي صعوبة، خاصة لأننا في مصر نرتبط بتاريخ الفنان خارج العمل، أما في الخارج فلا يهتمون سوى بحجمه داخل العمل، لذا هي عملية صعبة ولكن القرار بها ليس فردي، حيث يحدث نقاش بينه وبين الموافق والمخرج و المنتج.
وعن مدى التوازن الذي يستطيع تحقيقه أثناء التصميم، قال يوسف إن المعادلة صعبة، فالناحية التسويقية يهتم بها المنتج وفي نفس الوقت هناك ناحية الجمهور ومدى استقبالهم البوستر وايضا الممثلين وأحجامهم، وكما قال العملية صعبة ولكن القرار شورى بينهم
وانتقل نبيل بالحديث إلى مولف الفيلم محمود زهران، حيث سأله عن عمله كمخرج وسيناريست الآن وهل هناك عدم توافق بينهم؟
ورد زهران بأنه لا يوجد انفصال بينهم، تستطيع أن تبرز رويتك من خلال عمل مكتوب أو عمل مرئي، ولقد كان يعمل مخرجا منفذا ويشارك في الكتابة، لكن لم يعمل في فيلما كان فيه المخرج والمؤلف في نفس الوقت، لأنه يحب ألا ينفرد بوجهة نظره، لابد من آراء أخرى تشاركه الروية.
وأضاف أن من شجعه على الكتابة كان المخرج هادي الباجوري، الذي تجمعه به صداقة وعمل فلقد عمل كمخرج منفذ في أفلامه، وأثناء عملهم على مسرحية النجمة شيريهان " كوكو شانيل"، أصر هادي أن يشارك زهران في الكتابة في بعض التفاصيل مع الدكتور مدحت العدل ومن هنا كانت البداية.
وطرح الجمهور تساول عن نهاية الفيلم، وكيف أنها النهاية السعيدة الوحيدة ضمن العمل، ليرد زهران أن النهاية الأخيرة هي الوحيدة الحقيقية في الفيلم، فالفيلم مبني على ٤ بدايات لنهاية واحدة، كل القصص تم طرح المشكلات في البداية إلا القصة الأخيرة وأبطالها خالد النبوي و شيرين رضا، لم نعرف المشكلة ولكن كان الحل، فالفكرة هنا هو أننا نرى الفيلم بعين البطل الدرامي السارد للأخداث والذي يلعب دوره خالد النبوي، فهو من يتفاعل مع الأحداث من أول اليوم ليقرر في النهاية تغيير نهايته، لذا حدود معرفتنا بالأشهاص لا ينبغي أن تكون أكثر منه لأنه العين التي نرى من خلالها الأحداث.
وأضاف زهران إنه لم يلقي الضوء على المشكلة في القصة الأخيرة، لأنه أراد أن يوجه رسالة وهي أنه لا يجب الاهتمام بالمشكلة قدر الاهتمام بحلها وكيفية مواجهة تعقيدات المجتمع، وقال " الفيلم ده شراكة بيني وبين المتلقي، فكلنا في مجتمع تم عجنه بالعنصرية بدرجة غير طبيعية حتى أنها تُمارس حوله فيراها وكأنها شئ عادي ولا يفكر في تأثيرها عمن حوله"، وأشار إلى قصة مريم وإبراهيم في الفيلم، فنحن لم نعرف من المسلم والمسيحي ولكن يمكن أن يراها الشخص المسلم حكاية عادية إذا كانت الفتاة هي المسيحية ولكن بالنسبة لشخص مسيحي فهو محرم والعكس صحيح، لذا كيف نرى المشكلة ومن أي وجهة نظر.
واستطرد زهران في حديثه عن خلق مساحات متساوية على الشاشة الحكايات الخمس وأبطالها، فقال إن الفيلم عبارة عن خمسة مشاهد، لم يهتم بالوقت قدر اهتمامه بالانتهاء من الحماية دون اللجوء لتقنية الفلاش باك، وربما كانت أكول حكاية على الورق هي حكاية أحمد الفيشاوي و ياسمين رئيس، ولكنها ظهرت أقصر على الشاشة وهي أكثر حكاية لم يحبها عندما عُرضت لأنها لم تظهر كما تمنى، كما أنه رأي أن ياسمين رئيس لم تبذل مجهود في التمثيل فلم يصدقها على الشاشة، أما أحمد الفيشاوي لعب الدور بحرفية شديدة ولكن المونتاج اقتصر من دوره.
وسأله أحد الحاضرين عن الكوميديا التي تخللت الفيلم من خلال شخصيات أحمد مالك و بيومي فؤاد، فقال إن الشئ الوحيد التي قصد بها الكوميديا هي للتنفيس عما حدث في حكاية مريم وإبراهيم الذين تم حرقهم أحياء، لذا كانت السخرية في محلها بأنه من كثرة تلقي الناس لهذه الأخبار المأساوية على مدار اليوم أصبحت شيئاً عاديا.
وتساءل نبيل حول تصريح المخرج هادي الباجوري، بأن الفيلم لا يحمل رسالة؟
ابتسم زهران وقال " هادي دائما مورطنا بتصريحاته"، وأوضح قائلا إن هادي قصد أن صناعة الفيلم ليست تدريس، فلن يحملوا الناس على فعل الصواب أو الخطأ، فلن يستطيع سقي رسالة الفيلم للناس بالناعقة، ولكن بالطبع الفيلم يحمل رسالة هامة وهي أن يترك كل واحد الآخر في حاله.