في ذكرى رحيل علي الكسار.. حكاية أسطورة الكوميديا الارتجالية وسر لقب "المليونير الخفي"
علي الكسار، اسم لن يُنسى في تاريخ الفن المصري، عاش بين البساطة والعظمة، وترك بصمة لا تُمحى في عالم الكوميديا.
برز في عشرينيات القرن الماضي كمنافس شرس لنجيب الريحاني، وقدم شخصية "عثمان عبد الباسط" التي أصبحت أيقونة الكوميديا الشعبية.
وُلد علي خليل سالم، الشهير بـ"علي الكسار"، في حي شبرا، قبل أن ينتقل إلى السيدة زينب. بدأ حياته المهنية كـ"سروجي" صغير في ورشة أبيه، ثم اتجه للعمل طباخًا مع خاله، ما أتاح له الاحتكاك بالنوبيين وإتقان لهجتهم التي أصبحت أساس نجاحه الفني لاحقًا.
البداية الفنية والتألق المسرحي
في عام 1907، أسس الكسار أول فرقته المسرحية "دار التمثيل الزينبي"، وقدم أولى مسرحياته عام 1916.
و بدأ ينافس نجيب الريحاني بشخصية "عثمان عبد الباسط"، وردّ على أعماله المسرحية بحس فكاهي غير مسبوق، جعل الجمهور يتهافت على مسرحياته مثل "عقبال عندكم" و"قلناله".
من المسرح إلى السينما
لم تقتصر مسيرة الكسار على المسرح، بل اقتحم عالم السينما ليقدم 35 فيلمًا، منها "بواب العمارة"، و"غفير الدرك"، و"سلفني 3 جنيه". استخدم حيلًا بسيطة، مثل دهن وجهه بمزيج عشبي ليظهر بلون داكن يناسب شخصية البواب النوبي، مما أكسبه شهرة واسعة.
سقوط مفاجئ ونهاية مأساوية
رغم نجاحه الكبير، تراجع بريق الكسار مع ظهور نجوم جدد كإسماعيل ياسين. انتهت حياته بفقر مدقع، بعد أن عاش أيامه الأخيرة مريضًا داخل غرفة بسيطة بمستشفى قصر العيني، ليرحل عام 1957 عن عمر يناهز 69 عامًا.
وصفه الكاتب يحيى حقي بـ"المعدن الكريم" الذي لم يتأثر بالصعاب، داعيًا للحفاظ على إرثه الفني الذي يمثل نموذجًا للفنان العصامي.
هكذا بقي علي الكسار رمزًا للكوميديا الشعبية التي ارتبطت بالبسطاء وحكاياتهم، تاركًا خلفه إرثًا لا يُنسى من الإبداع والابتكار.