
شرم الشيخ.. مدينة السلام تعود لتتصدر مسار التسوية الفلسطينية الإسرائيلية
منذ عقود رسّخت مدينة شرم الشيخ مكانتها كـ"مدينة السلام"، لتصبح منصة دبلوماسية رئيسية احتضنت عبر أكثر من ربع قرن أبرز محطات الوساطة المصرية وجهود إنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ومهدًا لمؤتمرات دولية شكلت نقاط تحول في مسار القضية الفلسطينية وجهود استقرار الشرق الأوسط.
اليوم تعود شرم الشيخ إلى صدارة المشهد السياسي من جديد مع انعقاد قمة شرم الشيخ للسلام التي تُعد امتدادًا لدورها التاريخي في دعم التسوية وإعادة إطلاق عملية السلام.
ارتبط اسم شرم الشيخ بمساعي السلام ومؤتمرات التهدئة والمصالحة، إذ احتضنت المدينة على مدى السنوات الماضية لقاءات حاسمة جمعت قادة العالم وأطراف الصراع في لحظات كانت فيها المنطقة على حافة الانفجار.
فمن توقيع مذكرة شرم الشيخ عام 1999 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، التي أعادت الأطراف إلى طاولة التفاوض بعد سنوات من الجمود، إلى قمة 2005 الرباعية التي جمعت الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون والرئيس الفلسطيني محمود عباس بهدف إنهاء الانتفاضة الثانية وإحياء "خريطة الطريق" للسلام.
وفي عام 2021 عادت المدينة إلى دائرة الحدث بعد التصعيد العسكري في غزة، حيث استضافت اجتماعات أمنية لإعادة تثبيت وقف إطلاق النار وتنسيق جهود إعادة الإعمار بمشاركة دولية واسعة. كما شهدت مباحثات مارس 2023 اجتماعات خماسية ضمت مصر والأردن والولايات المتحدة إلى جانب الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لمناقشة آليات التهدئة ومنع التصعيد في الأراضي الفلسطينية.
وفي أكتوبر الجاري تستضيف شرم الشيخ مفاوضات حاسمة لإنهاء الحرب على غزة بمشاركة وفود من مصر وقطر والولايات المتحدة إلى جانب ممثلين عن الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية.
تركز المباحثات على التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وتبادل الأسرى وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع إلى جانب وضع تصور لخروج تدريجي للقوات الإسرائيلية. ورغم التباينات الواسعة بين المواقف تبدي القاهرة تفاؤلًا حذرًا بإمكانية تحقيق اختراق في المفاوضات استنادًا إلى توافق أولي على ضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية وتهيئة الطريق أمام تسوية سياسية شاملة.
وتعقد ظهر غد الإثنين 13 أكتوبر 2025 قمة شرم الشيخ للسلام برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبمشاركة قادة أكثر من 20 دولة.
تهدف القمة إلى وضع حد للحرب في غزة وتعزيز جهود السلام والاستقرار في الشرق الأوسط في إطار رؤية أمريكية – مصرية مشتركة لإعادة بناء الثقة وفتح صفحة جديدة من الأمن الإقليمي، استنادًا إلى الدور المصري التاريخي في إدارة النزاعات الإقليمية والتوسط بين أطراف الصراع.
وتشهد القمة حضورًا إعلاميًا دوليًا واسعًا بمشاركة أكثر من 14 مؤسسة أمريكية لتغطية فعالياتها، وسط نسبة إشغال فندقي بلغت 90% وفقًا لتصريحات اتحاد الغرف السياحية.
من أوسلو إلى غزة ومن مذكرة 1999 إلى قمة 2025 تثبت شرم الشيخ أنها ليست مجرد مدينة سياحية، بل رمز للسلام والدبلوماسية المصرية التي لطالما لعبت دورًا محوريًا في التهدئة وإحياء المفاوضات لتبقى على الدوام محطة رئيسية في مسار التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية وجسرًا يربط بين الحرب والسلام في الشرق الأوسط.
