الخميس 6 نوفمبر 2025 | 08:35 م

فرنسا ترتجف من "الاختراق الناعم".. 70% من الفرنسيين: الإسلام السياسي يتمدد.. والإخوان في قلب العاصفة


كأنها مرآة تعكس خوف أمة بأكملها؛ فقد كشفت دراسة حديثة أجراها معهد «أيفوب» (Ifop) الفرنسي الشهير لاستطلاعات الرأي، عن قلقٍ عميق يسكن المجتمع الفرنسي، إذ عبّر سبعة من كل عشرة فرنسيين عن اعتقادهم بأنّ الإسلام السياسي بات يتقدّم بثبات داخل فرنسا، متوغلاً في مؤسساتها ومجتمعاتها المحلية كتيارٍ خفيّ لا يُرى إلا من نتائجه.

ولم يأتِ هذا القلق من فراغ؛ فبحسب الدراسة التي نشرتها مجلة «لا ريفيو بوليتيك»، فإنّ جزءاً واسعاً من المشاركين في الاستطلاع يربطون صعود هذا التيار تحديداً بأنشطة الجماعات المحسوبة على فكر الإخوان المسلمين، التي يُنظر إليها في الدوائر الفرنسية باعتبارها العقل المدبّر لمشروع "التمكين الناعم" في الغرب.

الدراسة جاءت في لحظة حساسة، تزامناً مع التحقيق الرسمي الذي نشرته الحكومة الفرنسية في مايو الماضي حول «الإخوان المسلمين والإسلام السياسي»، والذي أعاد الملف إلى قلب النقاش العام، بعد أن أضاء على ما وصفه التقرير بـ "التمدد الزاحف" للجماعة داخل المجتمع الفرنسي تحت لافتات ثقافية وتعليمية وخيرية.

ووفقاً لما ورد في التحقيق الحكومي، فإنّ تنظيم الإخوان يعتمد استراتيجية طويلة المدى تقوم على بناء شبكات اجتماعية موازية تمتد إلى المدارس والمساجد والجمعيات الأهلية، وتعمل على صياغة وعي ديني بديل داخل الجاليات المسلمة، بما يتيح للجماعة أن تُمارس نفوذًا ناعمًا في الظلّ، بعيداً عن ضوء المواجهة المباشرة.

وتؤكد تقارير استخباراتية فرنسية أنّ هذا "النفوذ الناعم" يشكّل اليوم تحديًا للأمن الثقافي والاجتماعي للدولة، إذ تتسلّل أفكار التنظيم إلى الجيل الثاني والثالث من المهاجرين عبر أنشطة ظاهرها الإصلاح والاندماج، وباطنها الدعوة إلى الانفصال عن قيم الجمهورية.

وفي موازاة هذه المخاوف، رسمت الدراسة صورة قاتمة عن حالة التوتر الاجتماعي في فرنسا؛ إذ أقرّ 80% من المشاركين بأنّ مستوى العنف في المجتمع الفرنسي ازداد خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما وصفه التقرير بأنه "تربة خصبة" لصعود المواقف المتشددة من الجانبين، سواء من أنصار الهوية القومية أو المتطرفين الإسلاميين.

كما أظهرت نتائج الاستطلاع أنّ كلمة «راديكالية» حين تُذكر، ترتبط فوراً في أذهان أغلب الفرنسيين بـ العنف والإرهاب، في حين أشار عدد كبير من المستجوبين صراحة إلى مصطلح «الإسلام السياسي» باعتباره التهديد الأول لهوية فرنسا الحديثة.

أما على الصعيد السياسي، فقد أظهر الاستطلاع مفارقة لافتة؛ إذ تصدّرت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان قائمة الشخصيات التي يثق بها الفرنسيون في مواجهة ما وصفوه بـ "خطر الإسلام السياسي"، تلاها وزير الداخلية جيرالد دارمانان، بينما تراجع مستوى الثقة في الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي بدا، بحسب الدراسة، "أقل حزمًا مما يتطلّبه الموقف".

وأجريت الدراسة على عينة ممثلة من 1200 شخص، في محاولة لرصد المزاج العام تجاه هذا الملف الملتهب، الذي بات يُثير انقسامًا حادًا في المجتمع الفرنسي بين من يرى في "الإسلام السياسي" تهديدًا وجوديًا لقيم الجمهورية، ومن يدعو إلى الحوار والانفتاح والتعامل معه كظاهرة اجتماعية تحتاج إلى مقاربة فكرية لا أمنية.

لكن، ما لا خلاف عليه كما خلصت الدراسة، أنّ فرنسا تقف اليوم على حافة مفترق طرق بين دولة تريد أن تصون علمانيتها، وجماعات ترفع شعارات الدين لتعيد صياغة الوعي الجمعي من الداخل، يظل السؤال مفتوحًا في سماء باريس: هل يمكن لبلد الأنوار أن ينتصر في معركته مع "الظل الإخواني" دون أن يخسر روحه الحرة؟

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image