أبو السعود محمد يهاجم إحالة الزميل سيد بدري للتحقيق بـ«الصحفيين» عقب نشره مخالفات نقابية: "عبث ومهزلة نقابية"
في مشهد يعيد الجدل داخل أروقة نقابة الصحفيين حول معنى "الحرية" وحدودها، تفجرت أزمة جديدة بعد إحالة الصحفي سيد بدري للتحقيق، إثر نشره مخالفات تتعلق بتغيير شركة "المحمودية" واستبدالها بأخرى، في قضية وصفت داخل أروقة النقابة بأنها "عبث نقابي يضرب فكرة الشفافية، في مقتل".
البداية: تحقيق بسبب نشر مخالفات
تعود الواقعة إلى قيام الزميل سيد بدري بنشر تفاصيل حول مخالفات تخصّ تعاملات مالية وإدارية داخل النقابة، وتحديدا ملف تغيير شركة المحمودية واستبدالها بشركة أخرى، وهو ما أثار حفيظة بعض أعضاء المجلس الحالي، الذين قرروا في خطوة مفاجئة إحالته للتحقيق الداخلي.
مصادر داخل النقابة أكدت أن القرار اتُخذ بعد إصرار محمود كامل عضو المجلس على إحالة بدري للتحقيق، انتقاما منه لخلافات شخصية بينهما، في سابقة اعتبرها كثيرون انحرافا عن الدور الأصلي للنقابة كدرع لحماية الصحفيين لا لمعاقبتهم.
أبو السعود محمد يفتح النار: «خصم وحكم ومدافع في آن واحد!»
الكاتب الصحفي أبو السعود محمد، عضو مجلس النقابة الأسبق، لم يتأخر عن الرد، فكتب منشورا ساخرا ولاذعا عبر صفحته الشخصية بـ«فيسبوك»، وصف فيه ما جرى بأنه "عبث نقابي لا يليق بتاريخ النقابة".
وقال نصًا: "تحويل الزميل الأستاذ سيد بدري للتحقيق يعني إن النقابة بقت خصم وحكم ومدافع في نفس الوقت... يعني تلاتة في واحد! إزاي كده؟"
ثم تابع في سخرية مريرة: "النقابة تحوّل زميلًا للتحقيق عشان نشر حاجة عن النقابة، فالمفروض النقابة تتصل بالنقابة، عشان تطلب من النقابة حضور زميل من مجلس النقابة للتحقيق مع الزميل اللي اتحول للتحقيق من مجلس النقابة... وبعدين الزميل اللي في المجلس يدافع عن المتهم، ويطلعه براءة، ويخرج يقول: عاشت النقابة! عاشت حرية الصحافة!"
كلماته الساخرة تحولت إلى صرخة داخلية ضد ما يصفه الصحفيون بـ«ازدواجية الخطاب النقابي»، الذي يرفع شعار الدفاع عن حرية التعبير بينما يقمعها في ممارساته اليومية.
تناقض صارخ مع ميثاق الحريات
اللافت أن القضية تأتي في توقيت تتحدث فيه النقابة عن حماية "الحريات"، ما جعل كثيرين يرون في الإحالة للتحقيق فضيحة أخلاقية وتنظيمية تضرب مصداقية المجلس الحالي.
أحد أعضاء الجمعية العمومية، فضل عدم ذكر اسمه، خشية إحالته للتحقيق أيضا، قال إن المجلس الحالي "يعيش حالة من التناقض بين الخطاب والممارسة"، مضيفًا: "كيف تطالب النقابة الدولة باحترام حرية الصحافة وهي تقمع صوتًا من داخلها؟! ما حدث إشارة خطيرة إلى أن النقابة بدأت تتحول من بيت الحريات إلى مؤسسة بيروقراطية تُدار بعقلية العقاب".
أزمة أعمق من مجرد تحقيق
ما حدث مع سيد بدري ليس حدثا عابرا؛ بل هو عرض لأزمة أعمق داخل النقابة تتعلق بسؤال جوهري: من يملك حق الرقابة على الأداء النقابي؟
الصحفيون يرون أن من الطبيعي أن تفتح الملفات للنقاش العلني، لا أن يعاقب من يكشفها. فالنقابة التي طالما طالبت الشفافية من مؤسسات الدولة، باتت بحسب المنتقدين، تمارس نفس الأساليب التي كانت تعترض عليها، في مفارقة مؤلمة.
بين الشفافية والعبث
ودعا أبو السعود محمد مجلس النقابة إلى "أن ينظروا في المرآة"، متسائلًا: "هل أصبحنا نُحاكم زملاءنا لأنهم كتبوا عن أخطاء داخل النقابة؟ هل صارت حرية الصحافة مجرد شعار نعلّقه على الجدران؟"
وأضاف: "النقابة اليوم لا تحتاج إلى لجان تحقيق، بل إلى لجنة ضمير، تُذكّر الجميع بأن بيت الصحفيين لا ينبغي أن يُغلق في وجه الحقيقة."
مجلس النقابة على المحك
التحقيق مع سيد بدري بات اختبارًا حقيقيًا لشعارات الحريات التي تتغنى بها النقابة، وخاصة الأعضاء المحسوبين على تيار اليسار داخله المتشدقين بالحريات، فإما أن تثبت أنها بيتٌ يحمي الكلمة الحرة، أو تتحول إلى سلطة تُحاكم من يتحدث باسم الحقيقة.
الكرة الآن في ملعب المجلس الحالي، والعيون كلها تتجه إلى ما إذا كان سيختار طريق الشفافية أم يستمر في دوامة الصمت، والتكميم، والقمع.
