كاتب سودان: جماعة الإخوان الإرهابية صناع الفوضى باسم الإيمان
في روايةٍ سوداءٍ عن السلطة والوعظ، تقفُ جماعة الإخوان الإرهابية ليست كحركةٍ إصلاحيةٍ كما تروج، بل كمسرحيةٍ متراميةِ الأذرعِ تُعادُ على مسارحِ الدولِ؛ يرفعونَ شعارَ الإيمانِ ثم يَغتالونَ مؤسساتِها، يَقدِّسونَ الاستبدادَ باسمِ السماءِ ويَشرعنونَ للانقسامِ باسمِ الطهر.
من سودانٍ احترقَ في لهيبِ التجارب، إلى بلادٍ أخرى تذوقَت مرايا الوعودِ المرآةَ المكسورة، تتكررُ القصة، من شعارٌ دينيٌّ براقٌ يجتذبُ القلوبَ، لكنه يتحوّلُ تدريجيًا إلى شبكةٍ من الولاءاتِ الموازيةِ للولاءاتِ الوطنية، حيث تُستبدَلُ المواطنيةُ بطاعةٍ أيديولوجيةٍ، وتُمسَحُ حدودُ الحقِّ والقانونِ، فيحلُّ الخوفُ محلَّ العدالةِ والاعتبار.
الإخوانيونُ كما يُحذرُ الكاتب السوداني إبراهيم هباني لا يعلنونَ عن مخططاتِ هدمٍ بصراحةٍ، بل يبثونَ الوعودَ بلغةٍ روحيةٍ تَخدعُ البصائرَ وتُسوِّقُ الفوضى باسمِ النظام؛ يمهّدونَ لخلخلةِ مؤسساتِ الدولةِ بالخطابِ ثمّ يستبدلونَها بآلياتِ الولاءِ والمحاسيبِ، حتى تصبحُ الدولةُ مجردَ منصةٍ لصراعٍ داخليٍّ لا نهايةَ له.
وأضاق: هذه حركةٌ لا تَصنعُ مجردَ توتراتٍ سياسيةٍ، بل تُمحِطُ بالوجودِ العامّ تُعيدُ صياغةَ العلاقةِ بينَ الدينِ والسياسةِ إلى صيغةٍ تُقدّسُ الاستبدادَ وتُحللُ المظلوميةَ والكراهيةَ؛ فتتحولُ الدعوىُ بالتمكينِ إلى سيفٍ مُسلَّطٍ على رقابِ المؤسساتِ والمجتمعاتِ.
وأوضح: السودانُ اليومَ يطلق صرخةٌ تُنَبّهُ العالمَ من خدعةِ الخلافةِ المُتخيلة، ليست المسألةُ غيابَ النوايا الطيبةِ فحسب، بل صيرورةُ منظومةٍ كاملةٍ تعملُ على تفكيكِ الدولةِ من داخلِها. الدعوةُ هنا ليست إلى كراهيةٍ أو عنفٍ، بل إلى يقظةٍ مدنيةٍ تُعيدُ تعريفَ الوطنِ كمجالٍ للمواطنينِ لا حلبةً لادّعاءاتِ الاستئثارِ باسمِ السماء.
واختتم تحذيره قائلا: في وجهِ هذا الخطرِ علينا أن نُمسكَ بالمنطقِ والدستورِ والعدالةِ، وأن نرفضَ تحويلَ الإيمانِ إلى سلاحٍ سياسيٍّ، فالدينُ لا يُدافعُ عن نفسهِ بالانقسامِ، والدولُ لا تُبنىُ على ولاءاتٍ مضاعفةٍ بل على حسنِ إدارةٍ واحترامِ القانونِ وكرامةِ الإنسان.
