حسام السويفي يكتب: رسائل بيان الرئيس
في خطوة أثارت اهتمام الشارع السياسي وأعادته إلى ثقة مؤسسية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي بيانه الحاسم بشأن المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، مؤكدًا على مجموعة من الرسائل الجوهرية التي تحمل مضامين عميقة في النزاهة الديمقراطية ودور المواطن في رسم مستقبل وطنه.
جاءت الرسالة الأولى واضحة ومباشرة مفادها تدخل القيادة بحزم ووعظالة لحسم أي جدل أو خروقات انتخابية. لم يكن البيان مجرد توجيه إداري، بل إعلان صريح بأن الدولة لن تسمح لأي عبث أو تجاوز أن يطمس إرادة الشعب، وأن أي خلل يُكتشف في الدوائر الانتخابية سيتم التعامل معه بكل صرامة، حتى لو استلزم ذلك إعادة الانتخابات كليًا أو جزئيًا. هذه الرسالة تعكس حجم المسؤولية التي تتحملها القيادة تجاه المواطن، وتضع معيارًا واضحًا لشفافية العملية الديمقراطية.
بينما أكدت الرسالة الثانية على حماية إرادة الناخبين؛ إذ إن صوت المواطن هو الفيصل، ولا يجوز لأي قوة مالية أن تحسم النتيجة.
توجيهات الرئيس أكدت أن المال السياسي أو المناورات لا يمكن أن تغيّب الحقيقة، وأن كل نائب يجب أن يكون ممثلًا حقيقيًا للشعب تحت قبة البرلمان. هذه الخطوة وضعت النقاط على الحروف، وأعادت للأذهان أن الديمقراطية ليست شعارًا، بل عملية حيّة تبدأ باحترام إرادة من يصوتون بحرية ووعي.
وأكدت الرسالة الثالثة على الدور الرقابي للمؤسسات المستقلة، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للانتخابات باعتبارها مسؤولة عن فحص الطعون والبت فيها وفق القانون، ويجب أن تتخذ القرارات الصحيحة عند تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية، سواء بالإلغاء الكامل للمرحلة أو جزئيًا في دائرة أو أكثر، مع إجراء انتخابات لاحقة لضمان تمثيل حقيقي للشعب. كما شدد الرئيس على ضرورة أن يحصل كل مرشح على صورة من كشف حصر الأصوات من اللجنة الفرعية، لضمان الشفافية الكاملة.
اما الرسالة الرابعة تعلقت بالإعلام والدعاية الانتخابية؛ إذ وجه الرئيس بضرورة الإعلان عن المخالفات في الحملات الدعائية ومراقبتها لضمان تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، الهدف من ذلك هو تعزيز ثقة المواطنين بأن كل حملة انتخابية تظل ضمن الإطار القانوني، وأن الشفافية مطلوبة في كل خطوة من خطوات العملية الانتخابية.
من خلال هذه الرسائل الأربع، أعاد البيان الثقة للشارع السياسي، وأكد أن الدولة تلتزم بإرادة المواطن، وأن أي تجاوز لن يمر دون مساءلة. كما أعاد التأكيد على أن القوة الحقيقية للدولة تبدأ من نزاهة مؤسساتها واحترامها للقوانين، وأن الانتخابات ليست مجرد إجراء روتيني، بل ركيزة أساسية لاستقرار الدولة وتعزيز دور المواطن في صناعة المستقبل.
لم يكن بيان الرئيس مجرد خطاب رسمي، بل خريطة طريق واضحة للمرحلة القادمة، تعطي دروسًا في الديمقراطية الحقيقية، وتجعل المواطن على يقين بأن صوته محفوظ، وأن الدولة لن تسمح بتجاوز إرادته. هذه الرسائل تعكس القيادة الرشيدة التي تعرف متى تتدخل بحزم، ومتى تترك القانون والمؤسسات المستقلة لتقوم بدورها، لضمان أن تكون الانتخابات أداة حقيقية للتغيير، وركيزة لنظام سياسي يعلي قيم النزاهة والشفافية.



