فضيحة إكسبريس لم تكن الأولى.. 23 منظمة إخوانية للمال الحرام في السويد
على مدى أكثر من اربعة عقود، نجحت جماعة الإخوان المسلمين في بناء واحدة من أكبر قواعد نفوذها في أوروبا داخل السويد، الدولة التي تُعدّ رمزًا للشفافية والرفاهية الاجتماعية، لكن خلف الصورة الهادئة تظهر شبكة متكاملة من المؤسسات الدينية والتعليمية والخيرية والسياسية، تعمل كمنظومة واحدة لإعادة إنتاج مشروع التنظيم الدولي، بتمويل حكومي سويدي من جهة، ودعم من دول تحتضن الجماعة الإرهابية مباشر من جهة أخرى.
أحدث فضائح هذه الشبكة كانت التحقيق الخطير الذي نشرته صحيفة إكسبريسن السويدية، وكشف اختلاس أكثر من 100 مليون دولار من أموال المدارس ورياض الأطفال الإسلامية المرتبطة بالإخوان، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الفساد التعليمي في أوروبا.
هذه الفضيحة ليست حالة منفردة، بل حلقة جديدة في سلسلة بدأت منذ سنوات؛ إذ شهد عام 2018 فصيحة كبيرة لإخوان أدين فيها القيادي الصومالي الإخواني بشير أمان باختلاس 10 ملايين كرونة.
وسبقتها فضيحة أخرى قضية كان بطلعا القيادي الإخواني السوري السويدي هيثم رحمة، أحد أبرز قيادات الرابطة الإسلامية، والمتهم بتهريب السلاح لجماعات تكفيرية في سوريا.
ولتكتمل خطة الجماعة في السيطرة المالية والسياسية نجح إخوان السويد في ختراق الحزب الإسلامي السويدي.
ووفقا للتقارير الرسمية للأجهزة الأمنية السويدية فإنها تتحدث عن وجود 2000 متطرف نشأوا داخل مؤسسات تابعة للجماعة، لتكون السويد أمام مشروع كامل لا يدار بسرّية، بل يعمل تحت مظلة قانونية واسعة، تستغلّها الجماعة ببراعة لتكديس الأموال، وبناء نفوذ سياسي، وإدارة شبكات مالية تتصل بفرنسا وتركيا وبريطانيا.
تأسست الرابطة الإسلامية في السويد عام 1981، كمظلّة جامعة للمنظمات الإخوانية. وهي تعدّ النسخة السويدية مما فعلته الجماعة في أمريكا عبر ماس، وكير وإسنا.
ففي الدول الأوروبية لا تستخدم الجماعة اسم “الإخوان المسلمين”، بل تتخفّى وراء منظمات “مدنية”، تبدو في الشكل ممثلة للجاليات المسلمة، لكنها في الحقيقة تعمل وفق هيكل تنظيمي محكم مرتبط مباشرة بقيادة التنظيم الدولي التي يقودها محمود الإبياري وصلاح عبد الخالق.
ورغم أن الرابطة تمثل خطورة على دولة السويد إلا أنها لم تدرج حتى الآن كمنظمة إرهابية، بينما أدرجتها دولة الإمارات هاك 2014، ووضعتها على على قوائم الإرهاب، وفي 2018، صنفت هيئة التأهب وحماية المجتمع السويدية MSB الرابطة ضمن أخطر المنظمات ذات الطابع الإخواني في أوروبا، وأوصت بفرض رقابة أمنية مشددة عليها، خاصة بسبب امتلاكها 23 منظمة تعمل كشبكة واحدة، بينما صنفت فيينا الإخوان كجماعة إرهابية.
تدير الرابطة واحدة من أعقد البُنى المؤسسية للتنظيم الدولي في أوروبا، ومن أبرز كياناتها لمجلس الإسلامي السويدي SMR، ومؤسسة ابن رشد التعليمية، واتحاد المدارس الإسلامية، وربطة الشباب المسلم FUMS، واتحاد الطلبة المسلمين، وجمعية المرأة المسلمة، واتحاد الكشاف المسلم، ومؤسسة قارئ القرآن، ومنظمة الأئمة الأوروبية، ومؤسسة أصدقاء القدس، والإغاثة الإسلامية، وسنابل الأقصى، وجمعية الرحمة، والإغاثة الإرترية، والإغاثة التونسية
وتشرف الرابطة كذلك على أكبر مساجد السويد، وعلى رأسها مسجد ستوكهولم، الذي يُعد المركز الرئيسي لتجنيد القيادات الشابة، وتدوير الكوادر نحو العمل السياسي والاجتماعي، وتم تأسيسه عام 2000، ومسجد جوتنبرج وتم افتتاحه عام 2011، وعين الإخوان أحمد غانم إماما بالمسجد.
وشهدت السويد أيضًا صفة لجماعة الإخوان الإرهابية عام 1999 بين الحركة الاشتراكية الديمقراطية والمجلس الإسلامي في السويد التابع للتنظيم الدولي، وبحسب الصفقة حصل المجلس الإسلامي على عدد من المناصب الآمنة في القوائم الحزبية مقابل دعمه للديمقراطيين الاشتراكيين، ومنذ ذلك الحين ازداد عدد الحركات والجماعات التابعة لجماعة الأخوان وحصلت على تمويل من الخزينة العامة للدولة.
لم يكتفِ الإخوان بالمدارس والجمعيات، بل تسلّلوا إلى العمل السياسي داخل السويد تدريجيًا.
وخلال السنوات الأخيرة، نجحت الجماعة في اختراق الحزب الإسلامي السويدي، وهو حزب كان يُفترض أنه يمثل المهاجرين، لكنّه اليوم خاضع بالكامل لسيطرة الرابطة الإسلامية
والحزب الإسلامي بالسويد هو حزب نيناس الذي اسسه ميكيل يوكسل عام 2019، وهو سياسي سويدي من أصل تركي ومعروف صلاه بالذئاب الرمادية التركية وهي الجناح المتشدد لحزب الحركة القومية المتطرفة في تركيا الذي ينتمي إليه والده وهي شريك في ائتلاف حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.
ولم يكن نيناس أول حزب إسلامي يخترقه الإخوان فقد سبقه حزب جاسين عام 2017 الذي أعلن عن نيته صراحة اتباع الشريعة الإسلامية، واستطاعت الجماع. إلى الوصول امنصب وزاري في حكومة ستيفات لوفين عام 2014 حينما تولى محمد كابلان منصب وزير في حكومته..
بحسب تقارير سويدية ضخت تركيا تمويلًا كبيرًا عبر هيئات مرتبطة بحزب العدالة والتنمية، وأرسلت أنقرة مستشارين سياسيين لتدريب كوادر الحزب، وتولّى قياديون إخوانيون إدارة الحملات الانتخابية، ومنحت منظمات مثل ابن رشد والمجلس الإسلامي سيطرة على قواعد الحزب الشعبية.
وتحول الحزب الإسلامي إلى ذراع سياسية للتنظيم الدولي، يضغط للحصول على تمويلات أكبر للمدارس والجمعيات، التي ستصب بدورها قي شبكة المراكز الإخوانية، مثلما أكدت كشفت صحيفة إكسبريسن قي التحقيق الاستقصائي الذي رصد اختلاس إخوان السويد للدعم الحكومي لمدارس ورياض أطفال مرتبطة بالإخوان حصلت على تمويل حكومي ضخم، ثم حوّلته إلى شبكات تابعة للتنظيم الدولي ومنها المجلس الإسلامي الأوروبي فى فرنسا حسب ماهر فرغلي الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة.
لم تكن فضيحة اكسبريس محاولة فردية، بل جزء من منظومة عمل جماعة الإخوان في أوروبا، وبحسب التحقيق، فإن الاختلاس تجاوز 100 مليون دولار، وهي أموال كانت مخصصة لتعليم الأطفال، لكنها استُخدمت لتثبيت شبكات الجماعة وتوسيع نفوذها.
لم تكن فضيخة اختلاس إخوان السويد ل100 مليون دولار هي الأولى من نوعها فقد سيقتها قضية بشير أمان عام 2018 التي تعد أحد أهم مفاتيح فهم منهج الجماعة في السويد، بعدما أدان القضاء السويدي أمان بالسجن 4 سنوات ونصف، بعدما اختلس 10 ملايين كرونة من مؤسسة تعليمية تدير مدارس تسمى “الأزهر” تابعة لإخوان السويد والرابطة الاسلامية، وقام بتحويل الأموال إلى شركات يديرها بنفسه، كما مرر قروضا غير قانونية عبر مؤسسات خيرية، واستخدم حسابات موازية لإخفاء التحويلات.
لم تكن قضية بشير أمان سوى بروفة مبكرة لفضيحة الـ100 مليون دولار عبر نفس الأسلوب، ونفس المؤسسات، ونفس الهيكل المالي، ونفس الغطاء الديني.
هيثم رحمة واحد من أخطر قيادات الإخوان في أوروبا؛ إذ شغل مناصب داخل الرابطة الإسلامية، ثم انتقل إلى العمل الإغاثي، لكن تحقيقات السلطات السويدية عام 2013 كشفت اتهامه بتهريب أسلحة لجماعات تكفيرية سورية، واستخدام “الإغاثة الإسلامية” كغطاء للنقل، وخرق قوانين حيازة السلاح، وتورطه في جمع تبرعات تستخدم في القتال المسلح.
ورغم أنه كان إماما مسجد ستوكهولم، وئيس المنظمة الأوروبية للأئمة، وعضو الائتلاف السوري المعارض لنظام بشار الأسد، ومنسق هيئة حماية المدنيين، إلا أن السويد اكتشفت أنها كانت تستضيف قياديًا يربط بين المساجد الأوروبية والجماعات المسلحة في سوريا منذ عام 2013.
رصدت أجهزة الأمن السويدية وجود 2000 شخص مصنفين كمتطرفين يعيشون داخل “بيئات مغلقة”، معظمها مرتبطة بمدارس ومساجد الرابطة الإسلامية.
هذه البيئات تتضمن فصلًا ثقافيًا عن المجتمع، وخطابًا أيديولوجيًا ذي طابع إخواني، ونشاطات شبابية مغلقة، ومعسكرات لتعليم “الهوية الإسلامية”، وحلقات مغلقة للنساء، وهذه النتائج ليست عشوائية.
بل هي انعكاس مباشر لطريقة عمل الإخوان في بناء مجتمع مواز داخل الدول الديمقراطية، بهدف السيطرة على الجاليات، وتوجيهها سياسيًا، واستخدامها كورقة ضغط، وتحصيل المال العام، وتحويله للتنظيم الدولي للجماعة حسب تعليمات محمود الإبياري الأمين العام للتنظيم الدولي.
بحسب تقارير الهيئات السويدية المالية، فإن جماعة الإخوان تستخدم مسارًا ثابتًا لتحويل الأموال يعتمد على منح الحكومة السويدية تمويلًا للمدارس والجمعيات، ثم تحويل الأموال لشركات “خدمات” ذات ملكية إخوانية، ثم تنتقل التحويلات إلى المجلس الإسلامي الأوروبي في باريس النتبع للتنظيم الدولي للجماعة، ويتم إرسال جزء من الأموال إلى إسطنبول، ولندن حيث مراكز نفوذ التنظيم الدولي، وهذا المسار هو نفس ما تفعله الجماعة في ألمانيا وهولندا وفرنسا وبريطانيا عبر فس الأدوات، ونفس المؤسسات. ونفس الآلية.




