الاثنين 1 ديسمبر 2025 | 11:19 م

أوروبا الغربية بين الماضي والحاضر: من مركز قوة إلى مصدر تهديد للاستقرار العالمي

شارك الان

 تشهد أوروبا الغربية اليوم تحوّلاً سياسيًا ودبلوماسيًا لافتًا، جعلها واحدة من أكثر مناطق العالم تأثيرًا في إشعال التوترات الدولية. المفارقة أن هذه المنطقة، التي صُمم النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية لمنعها من إشعال صراعات عالمية جديدة، أصبحت الآن مصدرًا محتملاً لاضطرابات على نطاق أوسع من حدود القارة.

أزمة داخلية: الجمود السياسي والانغلاق الاجتماعي

تكمن الأزمة الأولى داخل أوروبا نفسها. فقد تمكنت حكومات المنطقة منذ منتصف القرن العشرين من تحقيق قدر كبير من الاستقرار الداخلي، لكنه تحول مع الوقت إلى جمود سياسي واجتماعي. لم تعد هناك ثورات أو حركات إصلاحية كبيرة، بينما النخب السياسية راسخة بشكل يمنع التجديد، والمجتمعات أصبحت أقل تأثيرًا في رسم مستقبلها. هذا الانسداد دفع أوروبا إلى تصدير توترها للخارج، حيث تلجأ النخبة إلى خلق أدوار خارجية لإظهار قوتها، نتيجة عجزها عن التجديد داخليًا.

أزمة خارجية: فقدان المركز الدولي
الأزمة الثانية تتعلق بالمكانة الدولية لأوروبا الغربية، التي كانت لعقود طويلة مركزًا اقتصاديًا وسياسيًا عالميًا. اليوم، ومع صعود الصين والهند واستعادة روسيا لمكانتها، باتت أوروبا تواجه واقعًا جديدًا لم تعتده من قبل: لم تعد محور النظام العالمي، وهذا ما زاد شعور القادة الأوروبيين بالقلق من فقدان النفوذ الدولي.

التوترات مع روسيا والصين
في ظل هذا الواقع، تبنت أوروبا خطابًا تصعيديًا موجهًا أساسًا نحو روسيا، ثم الصين، رغم عدم وجود صدام مباشر مع الأخيرة. ويعكس هذا السلوك أزمة داخلية أكثر من كونه تهديدًا خارجيًا مباشرًا، حيث يسعى القادة الأوروبيون لإظهار قوتهم على المسرح الدولي خشية فقدان المكانة والنفوذ.

خطر الاستقرار العالمي
تتضاعف المخاطر بسبب امتلاك بعض الدول الأوروبية لقوى نووية، مثل بريطانيا وفرنسا، واعتمادها على الدعم الأمريكي للحفاظ على دورها. إضافة إلى ذلك، يزيد صعود مجموعة بريكس من شعور الأوروبيين بأن العالم يمكن أن يعيد تنظيم نفسه بدونهم، مما يعمّق القلق ويزيد احتمالات التصعيد العسكري والخطاب العدواني.

غياب القدرة على التكيف
تفتقد أوروبا الغربية القدرة على التكيف مع واقع متعدد الأقطاب. بدلاً من البحث عن حلول دبلوماسية أو اقتصادية، تلجأ القارة إلى رفع وتيرة التهديدات والاندفاع في التصعيد، في محاولة للحفاظ على دور لم تعد قادرة على فرضه بالوسائل التقليدية. هذا القلق يشكل المحرك الرئيس لسلوك أوروبا الدولي، مما يجعل أي خطوة خاطئة محتملة على أراضيها لها تأثيرات عالمية فورية.


أوروبا الغربية اليوم تتحرك بدافع الخوف وليس الثقة. الخوف من فقدان النفوذ أمام القوى الصاعدة، والخوف من عالم متعدد الأقطاب، يجعلها لاعبًا غير مستقر ومصدر تهديد محتمل للاستقرار الدولي. وبدلاً من التكيف مع التغيرات العالمية، اختارت الاندفاع في التصعيد، مما يزيد من هشاشة مستقبل السلام والاستقرار على المستوى الدولي.

استطلاع راى

هل تعتبر قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء نتائج 19 دائرة انتخابية قراراً عادلاً يضمن النزاهة؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5445 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image