الخميس 4 ديسمبر 2025 | 09:30 م

نزيه الحكيم ل "مصر الان ":أزمة إعلان النتائج وبطلان الإعادة ما حدث لم يكن خلافًا في القانون، بل اضطرابًا في الإدارة


قال المستشار الدكتور نزيه الحكيم  المحامي بالنقض والإدارية العليا في تصريح خاص لموقع"مصر الان"في الخبرة الدستورية المعتبرة، لا ينهار النظام الانتخابي إلا حين تتداخل الاختصاصات، أو تختلط مراحل العملية ببعضها، أو تُستبدل الحكمة بالتعجل، فيتحوّل المسار القانوني من طريق مستقيم إلى شبكة متشابكة من الأسئلة والارتباك. وهذا – للأسف – ما وقع حين سارعت الهيئة الوطنية للانتخابات إلى إعلان نتائج لم تكتمل عناصرها، ثم أسرعت إلى تحديد موعد لإعادة انتخابية قُضي ببطلانها قبل أن تُحسم صحة عضوية من أعلنت فوزهم.

وأضاف أن الرؤية القانونية خالصة، تعكس روح الدستور، وتُحاكم ما جرى على ميزان النصوص لا على هوى القرارات.


أولًا: إعلان النتيجة قبل أوانها… وكيف خَلَقت الهيئة مراكز قانونية من العدم

الهيئة الوطنية – بتعجل غير مفهوم – أعلنت فوز مرشحين قبل الفصل في طعون جوهرية، فأنتقلت المسألة فجأة من نطاق "الإجراءات الانتخابية" إلى نطاق "صحة العضوية".
وأصبح كل مرشح مُعلن فوزه صاحب مركز قانوني له حماية خاصة في الدستور، فتحوّل الطعن عليه إلى منازعة صحة عضوية تُرفع أمام محكمة النقض وحدها.

وأشار الي ولو أن الهيئة تريثت – كما يقتضي العقل الدستوري – ولم تُنشئ مراكز قانونية متسرعة، لبقيت جميع الطعون ضمن نطاق العملية الانتخابية، ولظلت الإدارية العليا هي صاحبة الولاية الطبيعية في فحص الإجراءات، والتأكد من سلامتها، وسبر قرارات الهيئة.

لكن التعجل غير مدروس… نقل النزاع من "الإجراء" إلى "الكيان"، ومن "الفرز" إلى "العضوية"، وبذلك أنشأ التعجل أزمة لم يكن لها وجود.


ثانيًا: الإعادة المستعجلة… وسيناريو الهروب إلى الأمام

الأخطر من إعلان النتيجة كان استعجال الهيئة في تحديد موعد إعادة الانتخابات الملغاة أصلًا.
فهي لم تنتظر حكم النقض، ولم تُمهِل القضاء الطبيعي وقتًا ليقول كلمته في شق الفوز، فصار المشهد كما لو أن الهيئة هربت إلى الأمام، محاولة فرض "أمر واقع" انتخابي قبل أن تتحدد الحقيقة القضائية.

ثم جاءت أحكام القضاء لتكشف أن الإعادة التي أجرتها الهيئة معدومة الأساس، وأن شق الإعلان بالفوز كان محتومًا أن يذهب إلى محكمة النقض منذ اللحظة الأولى.

وقال هكذا وُلدت الأزمة:
إعادة بلا سند، وفوز معيب بالإجراءات، ونتائج معلنة قبل التحقق من صحتها.

ثالثًا: لماذا لا تملك الإدارية العليا الفصل في عضوية مَن أُعلن فوزه؟

هذا السؤال جوهري، ويُثار كثيرًا…
لكن إجابته حاسمة وبسيطة:

بمجرد أن تُعلن الهيئة فوز مرشح، يصبح أمامنا مركز قانوني مكتمل، لا مجرد إجراء انتخابي.
ومن اللحظة ذاتها ينتقل الاختصاص – بحكم المادة 107 من الدستور – إلى محكمة النقض فقط.

ولا شأن لحلف اليمين بهذا الانتقال، لأن:اليمين شرط لمباشرة العضو عمله،
أما الصفة النيابية فتبدأ من إعلان النتيجة، لا من القسم.

ولهذا فإن الإدارية العليا لا تستطيع – دستورًا – أن تفصل في صحة عضوية مُعلن فوزه، ولو فعلت لانهار التمييز بين العملية الانتخابية وبين تشكيل المجلس ذاته.

رابعًا: أين مكمن الخطأ الذي أدى إلى هذا التشتيت القانوني؟

الحقيقة أن القضاء لم يشكل الأزمة… بل صنعها القرار الإداري المعيب.

فالهيئة الوطنية – بتقسيمها قرارًا واحدًا إلى شقين غير متسقين:
شق "فوز" وشق "إعادة" – خلقت ازدواجًا في المسارات القضائية:

شق الإعادة ظل إجراءً إداريًا خالصًا تخضعه الإدارية العليا لرقابتها.

أما شق الفوز فخرج عن ولاية الإدارية العليا إلى النقض باعتباره صحة عضوية.


وأشار إلى أن هذا التفكيك لم يكن ليحدث لو تريثت الهيئة وأبقت القرار داخل نطاق الإجراءات، حتى يكتمل الفحص القضائي وتستقر الحقيقة.

أما وقد سارعت، فقد تضاربت المسارات:
الإعادة ألغيت…
الفوز أحيل للنقض…
ثم جاءت النقض وقبلت الطعون…
وأصبح الجميع أمام مشهد التباس مصدره قرار إداري واحد.

خامسًا: متى يبدأ اختصاص النقض فعلًا؟ وهل يتعلق بحلف اليمين؟

هذه النقطة حاسمة في الجدل الدستوري:

إختصاص محكمة النقض يبدأ منذ لحظة إعلان الهيئة الوطنية نتيجة الفوز، وليس منذ حلف اليمين.
فاليمين عمل لاحق، لا يُنشئ عضوية بل يُكمّلها، تمامًا مثل يمين القاضي بعد تعيينه:
التعيين هو منشأ الصفة، واليمين شرط لمباشرة المهام.

وبالتالي:
كل ما قبل إعلان الفوز يدخل في نطاق "الإجراءات" التي تختص بها الإدارية العليا،
وكل ما بعد الإعلان يدخل في نطاق "العضوية" التي تختص بها النقض.

هذا هو جوهر المادة 107 في دستور 2014:
النقض تحكم… والمجلس يلتزم.

لا تقارير، ولا فحص، ولا عرض على المجلس، ولا سلطة تقديرية.
هذا عهد جديد يقطع مع مفهوم "المجلس سيد قراره" الذي كان معمولًا به في دستور 1971.


وأختتم إن ما حدث لم يكن خلافًا في القانون، بل اضطرابًا في الإدارة.
الهيئة استعجلت… فخلقت مراكز قانونية…
ثم استعجلت الإعادة… فخلقت ازدواجًا إجرائيًا…
ثم وقفت الإدارية العليا أمام قرار مُركّب ففصّلته بشقين…
ثم جاءت النقض لتحسم ما كان يجب ألا يتورط فيه أحد من البداية.
ولو أنها انتظرت وفحصت، وحافظت على تسلسل الإجراءات،
لما احتجنا إلى هذا الجهد في تفسير بدهيات دستورية.

استطلاع راى

هل ترى أن مكافحة الفساد يجب أن تكون الأولوية القصوى لأعضاء البرلمان القادم؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5445 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image