نصر علام لـ ( مصر الآن): استقطاب فواقد مياه النيل والتعاون الإقليمي..طريق مشترك للتنمية بدلاً من الصراعات
أكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، في تصريحات خاصة لـ (مصر الآن)، أن ملف فواقد مياه النيل يشكّل أحد أهم المسارات التي يمكن أن تعزّز التعاون بين دول حوض النيل، بعيدًا عن التوترات والخلافات الممتدة حول حصص المياه. فبدلاً من استمرار الصراع السياسي، تبرز حلول عملية كاستقطاب الفواقد المائية في المستنقعات الكبرى، وعلى رأسها قناة جونجلي، إضافة إلى الفواقد الهائلة داخل الأراضي الإثيوبية نفسها.
وقال أن الدراسات تؤكد أن مشروع قناة جونجلي في جنوب السودان يمكن أن يضيف مليارات الأمتار المكعبة من المياه سنويًا إلى مجرى النيل، وهو مشروع متوقّف منذ عقود رغم قدرته على دعم التنمية الزراعية والمائية في مصر والسودان وجنوب السودان معًا. وإلى جانب ذلك، تفقد إثيوبيا كميات ضخمة من المياه سنويًا داخل أراضيها عبر الوديان والأحواض الجبلية التي يمكن استغلالها عبر مشروعات مشتركة تعود بالنفع على الجميع.
وأضاف أنة رغم امتلاك إثيوبيا إمكانات ضخمة في مجال المياه، فإن التنمية الحقيقية لن تتحقق بالاعتماد على أجندات خارجية أو الدخول في صراعات مع دول المصب، بل عبر بناء شراكات تنموية مباشرة مع مصر والدول المجاورة. فالقاهرة تمتلك خبرات طويلة في إدارة الموارد المائية والري والزراعة الحديثة، ما يتيح تعاونًا يمكن أن يُنتج مشروعات مشتركة صديقة للطرفين.
كما أن التعاون بين دول الحوض لا يجب أن يقتصر على المياه فقط، إذ أن فتح مجالات الصناعة والتجارة البينية يمكن أن يحوّل المنطقة إلى محور اقتصادي قوي، بدلًا من بقائها ساحة صراعات. فالتكامل الصناعي بين مصر وإثيوبيا وأوغندا وكينيا يمكن أن يفتح فرصًا هائلة في التصنيع الغذائي والملابس والطاقة، بينما يوفّر ربط الأسواق الإقليمية منفذًا لاقتصادات جديدة تحقق نمواً حقيقياً.
وأضاف إن مستقبل القارة في التعاون وليس الصدام، وفي الشراكات الاقتصادية وليس النزاعات، وفي استقطاب الفواقد المائية بدلاً من إهدارها. وعلى إثيوبيا أن تدرك أن تعاونها مع مصر ودول الحوض هو الطريق الحقيقي للنهوض، وليس الارتهان لمصالح دول خارجية تسعى لتحقيق أهدافها على حساب شعوب المنطقة.
وفي ظل الظروف الحالية، ما زال بإمكان دول الحوض تغيير مسار الأزمة، والانطلاق نحو تعاون شامل يصنع تنمية حقيقية لشعوب 11 دولة تشترك في النيل... النهر الذي كان دائمًا مصدر حياة، لا يجب أن يتحول إلى مصدر خلاف.




