السبت 13 ديسمبر 2025 | 09:08 م

شهادات الحلال لجماعة الإخوان الإرهابية .. شبكة عنكبوتية لأموال لا تنتهي


يعد سوق الحلال العالمي إمبراطورية مالية وتجارية ضخمة، تتجاوز قيمتها 7 تريليونات دولار وتستمر في النمو بوتيرة متسارعة، وهو ما فتح لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول، نافذة للاستفادة من هذا القطاع الضخم فعلى مدى عقود، وظفت الجماعة استثمارات ضخمة في مشروعات تجارية واستراتيجيات مالية في دول متعددة، مع إخفاء أي صلة رسمية بها. وأصبح تنظيم الإخوان ينسج بصمت شبكة عنكبوتية لاتكتفي بالبحث عن ملاذ آمن بل تؤسس لمشروع نفوذ عابر للحدود تحت عباءة مؤسسات تعليمية وجمعيات خيرية ومراكز بحثية تمول من خلال شهادات الحلال في العديد من الدول .
ويكشف ذلك عن أسلوب الإخوان التقليدي، القائم على استخدام واجهات مستقلة وهياكل معقدة، تضمن استمرار تدفق الأموال بعيدًا عن الرقابة القانونية.
وتشير التقارير والتحليلات إلى أن جماعة الإخوان لم تكتفِ بالاستثمار المالي فحسب، بل وظفت هذه الأموال أيضًا لبناء نفوذ اجتماعي وسياسي داخل المجتمعات الإسلامية في الغرب والدول غير الناطقة بالعربية، مستغلة الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات الحلال، بما في ذلك الأغذية، المستحضرات، والخدمات المالية، لتوسيع شبكتها العالمية الخفية.
وفي كثير من الأحيان، كان بيزنس الحلال مقدمة لنشاط الجماعة في دول محظورة فيها من الناحية الرسمية كروسيا، على سبيل المثال، التي بدأ الإخوان فيها نشاطهم بالاستثمار في تجارة اللحوم الحلال ثم أنشأوا فرعًا للجماعة باسم اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا، والذي عمل كفرع لمنظمة الإخوان المظلية في أوروبا "اتحاد المنظمات الإسلامية"، الذي غير اسمه لاحقًا إلى "اتحاد مسلمي أوروبا" . 
ونظرًا لتعدد الهيئات العاملة في إصدار شهادات الحلال في مختلف الدول، وجدت جماعة الإخوان، المدرجة على قوائم الإرهاب، فرصة للدخول إلى هذا السوق واستثمار أموالها فيه، لأنه لا توجد هيئة واحدة معنية بتنظيم سوق الحلال أو إصدار الشهادات الخاصة به، فمعيار الحلال هو نتاج مشترك لمعايير متعددة، أي أنه معيار ناتج عن مفاوضات بين أطراف اقتصادية، ودينية، وتنظيمية، وفقًا لما ذكرته: "عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية فلورنس بيرجود بلاكلر".
وعملت أفرع الإخوان في الدول غير الإسلامية، بتوجيه من التنظيم الدولي، على التغلغل في بيزنس الحلال مستفيدةً من وجودها في المجتمعات الإسلامية المحلية في الدول الأوروبية والآسيوية ودول أمريكا الشمالية والجنوبية، من أجل إصدار شهادات الحلال.
وتجني المنظمات العاملة على إصدار رسوم الحلال أموالا طائلة، بصورة بسيطة، إذ يُفرض على كل مطعم أو شركة أو مؤسسة تجارية أو مجزر للحوم أو غيره أن تدفع رسومًا أو أمولا محددة مقابل الحصول على شهادة الحلال أو تجديدها بشكل دوري (سنوي عادة)، سواء كانت هذه الشهادة للسوق المحلي أو للتصدير، وهذا يضمن استمرار تدفق الأموال لخزينة الإخوان بصورة دائمة، لأنه كلما اشترى شخص سلعة من السلع الحاصلة على اعتماد "الحلال" ضمنت جماعة الإخوان دخول أموالا إلى محفظتها المالية.
وتدير جماعة الإخوان عن طريق واجهتها في أوروبا شبكة منخرطة في قلب بيزنس الحلال، فالجماعة الإسلامية الألمانية المعروفة سابقًا باسم التجمع الإسلامي في ألمانيا هي واحدة من الكيانات الإخوانية المشرفة على منح شهادات الحلال في ألمانيا.
كما أن مجلس مسلمي فرنسا الذي كان من قبل معروفًا باتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا حقق أرباحًا طائلة من بيزنس الحلال، وكذلك الحال مع المركز الثقافي الإسلامي في جنيف بسويسرا، وجمعية المسلمين الكنديين في كندا وغيرها من الكيانات حول العالم التي حصدت أرباحًا من هذه التجارة.
وقد أصدر مؤخرا الرئيس الامريكي دونالد ترامب في 24 نوفمبر الماضي أمراً تنفيذياً يُطلق عملية تصنيف فروع محددة من الجماعة مثل الفروع في مصر، الأردن، ولبنان كمنظمات إرهابية أجنبية بموجب قانون الهجرة والجنسية، وكمُصنفين إرهابيين عالميين .
ويهدف هذا الأمر إلى حرمان هذه الفروع من الموارد وتعزيز التعاون مع الحلفاء الإقليميين للقضاء على تهديدها للأمن الوطني الأمريكي.
 كما أقرت لجنة شئون الخارجية في مجلس النواب في 2 ديسمبر الماضي مشروع "قانون تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية" .
أما في أوروبا، فإن التصنيفات الرسمية تختلف بين الدول، حيث لا يوجد تصنيف موحد على مستوى الاتحاد الأوروبي، رغم المناقشات المستمرة في البرلمان الأوروبي. 
وأصبحت النمسا أول دولة أوروبية تحظر الجماعة رسمياً في يوليو 2021 بموجب قانون مكافحة الإرهاب الجديد، حيث أُدرجت كمنظمة إجرامية دينية، مع حظر شعاراتها وأدبياتها وعقوبات تصل إلى 4000 يورو غرامة وشهر سجن.
كما تُراقب ألمانيا وفرنسا الجماعة كتهديد أمني، مع إجراءات تحقيقية لكن دون تصنيف إرهابي مباشر.
فبينما كانت أوروبا الهادئة تفتح ذراعيها بإسم الحريات كان تنظيم الإخوان ينسج بصمت شبكة عنكبوتية لاتكتفي بالبحث عن ملاذ آمن بل تؤسس لمشروع نفوذ عابر للحدود تحت عباءة مؤسسات تعليمية وجمعيات خيرية ومراكز بحثية .
فبعد سقوط التنظيم في مصر عام 2013، تحولت أوروبا إلى الساحة الأهم لهم، هناك استقر آلاف من الكوادر، انتقل إشرافهم مباشرة إلى ما يعرف بالتنظيم الدولي، الذي ألزمهم بالانضمام إلى الأفرع المحلية، ودفع سهم الدعوة الذي قد يصل إلى 10 بالمئة من الدخل الشهري، ليصبح شريانا ماليا يمتد عبر دول القارة.
هذا الانتشار لم يكن عشوائيا، فمنذ تأسيس مركز ميونيخ الإسلامي، تمدد التنظيم تدريجيا تحت مظلة تعرف باتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الذي تحول لاحقا إلى اتحاد مسلمي أوروبا، وهو اتحاد يضم نحو 30 فرعا، ويدير كيانات تعليمية ودعوية واقتصادية، ومع الوقت ، بدأت الحكومات الأوروبية تدرك حجم التمدد.. مؤتمرات تنظم على الأراضي الأوروبية، جمعيات تعمل بحرية تحت غطاء الاندماج، وشبكات تمويل يشتبك فيها العمل الخيري بالعمل التنظيمي. وهكذا، لم يعد حضور الإخوان في أوروبا مجرد نشاط دعوي متناثر، بل شبكة نفوذ متشابكة نسجت خيوطها على مدى عقود.
اليوم، وبين تقارير استخباراتية متصاعدة، وتحقيقات برلمانية متكررة، تتجه أوروبا إلى مراجعة أعمق لدور الجماعة وتأثيرها وقطع نسيج هذة الشبكة العنكبوتية .

استطلاع راى

هل تؤيد منع الأطفال والمراهقين دون سن الـ 16 من استخدام منصات التواصل الاجتماعي في مصر؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5609 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image