وزير خارجية بولندا: حرب أوكرانيا استنزفت روسيا وأضعفت قدرتها على مواجهة الناتو

 شكك وزير الخارجية البولندي، رادوسواف سيكورسكي، في قدرة روسيا على خوض صراع عسكري واسع مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مؤكدًا أن الحرب المستمرة في أوكرانيا استنزفت بشكل كبير القدرات العسكرية لموسكو وأثرت سلبًا على جاهزيتها لأي مواجهة جديدة.

وقال سيكورسكي، في مقابلة مع صحيفة «ريسبكت» الأسبوعية التشيكية، إن الخسائر التي تكبدتها روسيا منذ اندلاع الحرب أدت إلى نقص حاد في العنصر البشري، ما يجعل من الصعب عليها الانخراط في نزاعات إضافية على نطاق واسع. وأضاف أن موسكو ستحتاج إلى عدة سنوات لإعادة بناء قدراتها العسكرية، معتبرًا أن هذه الفترة تمثل فرصة مهمة أمام الدول الأوروبية لتعزيز دفاعاتها والاستعداد لأي تطورات مستقبلية.
وحذّر وزير الخارجية البولندي في الوقت نفسه من أن هذه المعطيات لا تمنع احتمال ارتكاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «خطأً فادحًا جديدًا»، داعيًا إلى عدم الاستهانة بالمخاطر الأمنية القائمة رغم حالة الاستنزاف التي تعانيها روسيا.
وفيما يتعلق بالسياسة الدفاعية لبلاده، أكد سيكورسكي أن بولندا ماضية في زيادة إنفاقها العسكري، مشيرًا إلى أن وارسو حافظت على إنفاق لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع على مدى العقدين الماضيين، وتقترب حاليًا من مستوى 5%، يخصص أكثر من نصفه لشراء وتطوير المعدات القتالية وتعزيز القدرات العسكرية.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، تطرق سيكورسكي إلى استراتيجية الأمن القومي الأميركية التي أُعلنت مؤخرًا في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أثارت قلقًا في عدد من العواصم الأوروبية بسبب لهجتها المتشددة تجاه الاتحاد الأوروبي. وأوضح أن الإنفاق الدفاعي الأوروبي تضاعف بين الولايتين الأولى والثانية لترامب، معتبرًا أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن أوروبا، رغم إعادة توجيه جزء من مواردها نحو أولويات عالمية أخرى.
وأضاف أن أوروبا مطالبة بتحمل قدر أكبر من مسؤولية أمنها الذاتي، مشيرًا إلى أن واشنطن، رغم ذلك، من غير المرجح أن تغلق شبكتها العسكرية التي تضم أكثر من 100 قاعدة حول العالم.
وردًا على تقارير تحدثت عن احتمال تشجيع الاستراتيجية الأميركية لبعض الدول، ومنها بولندا، على مغادرة الاتحاد الأوروبي، وصف سيكورسكي هذه الأحاديث بأنها «تكهنات لا أساس لها»، مؤكدًا أن خروج بولندا من الاتحاد سيكون كارثيًا، وأن هدف وارسو هو البقاء حليفًا موثوقًا للولايات المتحدة وعضوًا فاعلًا ومؤثرًا داخل الاتحاد الأوروبي.
كما تطرق إلى الانقسامات داخل أوروبا، معترفًا بغياب إجماع سياسي كامل داخل بولندا بشأن قضايا الوحدة الأوروبية، لكنه انتقد خصومه لتغذيتهم المخاوف وترويجهم خطابًا شعبويًا شبيهًا بما شهدته بريطانيا قبل «بريكست»، معتبرًا أن منع تكرار هذا السيناريو في بولندا يمثل «مهمة شخصية» بالنسبة له.

وفيما يتعلق بالخلافات مع بعض القادة الأوروبيين، لا سيما رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ونظيره السلوفاكي روبرت فيكو، أعرب سيكورسكي عن استغرابه من تبرير مواقفهما بالاعتماد على الطاقة الروسية الرخيصة، مؤكدًا أن معلومات دبلوماسية تشير إلى قدرة بودابست وبراتيسلافا على تلبية كامل احتياجاتهما من النفط والغاز عبر جنوب أوروبا وبأسعار تعاقدية طويلة الأجل مماثلة.