أحمد محسن يكتب :ما الذي يحدث بين السعودية والإمارات في اليمن

 العلاقة بين السعودية والإمارات في الملف اليمني تمرّ بمرحلة شديدة التعقيد، بعد سنوات من الشراكة العسكرية التي بدأت مع انطلاق عملية «عاصفة الحزم» عام 2015. فبينما دخل الطرفان الحرب تحت عنوان دعم الشرعية اليمنية ومنع تمدد النفوذ الإيراني، كشفت تطورات السنوات الأخيرة عن تباينات عميقة في الأهداف والرؤى، تحولت تدريجيًا إلى صدام غير معلن ثم إلى توتر سياسي وأمني واضح.

السعودية تنظر إلى اليمن باعتباره عمقًا استراتيجيًا وأمنًا قوميًا مباشرًا، وتتمسك بوحدته الجغرافية ووجود دولة مركزية مستقرة على حدودها الجنوبية. في المقابل، ركزت الإمارات على الجنوب والسواحل والموانئ، ودعمت قوى محلية ذات نزعة انفصالية، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، بما يخدم رؤيتها للسيطرة على الممرات البحرية وخطوط التجارة في خليج عدن وباب المندب.

هذا التباين لم يعد خافيًا، خاصة بعد انسحاب الإمارات العسكري المعلن عام 2019، والذي لم يكن انسحابًا كاملًا بقدر ما كان إعادة تموضع، حيث استمر نفوذها عبر الوكلاء المحليين والدعم السياسي والعسكري غير المباشر. ومع الوقت، أصبح هذا الدور مصدر قلق متزايد للرياض، التي رأت فيه تقويضًا لجهودها، وإضعافًا للشرعية، وتهديدًا مباشرًا لوحدة اليمن.

التصعيد الأخير في الخطاب، والتسريبات حول مطالب سعودية حاسمة بوقف أي دعم إماراتي لأطراف داخل اليمن، يعكس انتقال الخلاف من مرحلة الاحتواء إلى مرحلة المواجهة السياسية. فالسعودية باتت أكثر وضوحًا في رفض أي مشروع يؤدي إلى تقسيم اليمن أو تحويل الجنوب إلى كيان منفصل خاضع لتوازنات إقليمية معقدة.

ما يجري في اليمن لا يمكن فصله عن المشهد الإقليمي الأوسع، حيث تتقاطع ملفات البحر الأحمر، والقرن الإفريقي، وأمن الملاحة الدولية، مع صراع النفوذ بين قوى إقليمية متعددة. وفي هذا السياق، ترى الرياض أن أي خلل في اليمن سينعكس مباشرة على أمنها، وعلى أمن المنطقة العربية ككل.
الخلاصة أن الخلاف السعودي–الإماراتي في اليمن لم يعد خلافًا تكتيكيًا عابرًا، بل صراع رؤى ومصالح. ومآلاته ستحدد ليس فقط مستقبل اليمن، بل أيضًا شكل التحالفات الإقليمية في المرحلة المقبلة، وحدود النفوذ، ومن يمتلك الكلمة الفصل في واحدة من أكثر ساحات الصراع حساسية في المنطقة٠