مع ارتفاع أسعار المدخلات ومخاوف الشركات.. ماذا حدث في السوق العقاري خلال أول 3 أشهر من العام؟
شهد السوق العقاري تطورات كبيرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في ظل الارتفاع المستمر في المدخلات، والصعوبات التي واجهت المطورين، وأدت إلى زيادة الفجوة بين الأسعار التي تم البيع بها، وتكلفة إقامتها، وهو ما ظهر واضحا في قيمة المبيعات التعاقدية التي حققتها 10 شركات، خلال الفترة من يناير إلى مارس، مسجلة نحو 71 مليار جنيه.
وترتفع القيمة المحققة بنحو 82% عن الربع الأول من العام الماضي، وهو ما أرجعه متعاملون في السوق، إلى الارتفاع في أسعار الوحدات من جانب، وزيادة عدد الوحدات المبيعة من جانب آخر، وخاصة مع توجه العديد إلى السوق العقاري باعتباره ملاذا آمنا للمدخرات، على غرار الذهب والشهادات البنكية.
وتغيرت النظرة إلى الحجم الكبير للمبيعات، وذلك خلال الفترة الحالية، إذ أنه في السابق كانت تمثل دلالة على قوة المطورين، إلا أنها حاليا أصبحت مصدرا للقلق، خشية تغير الأسعار وبالتالي ارتفاع تكلفة إقامتها، وهو ما يزيد الأعباء على الشركات.
وتعاني الشركات العقارية من عدة تحديات تتطلب ضرورة التحرك في مواجهة التغيرات الأخيرة، وهو ما دفعها إلى تسريع وتيرة البناء وتقليل المعروض للبيع، مع خفض ميزانيات التسويق، ولجأت عدة شركات إلى إرجاء زيادة الأسعار بصورة كبيرة، للاستفادة من إقبال أصحاب المدخرات، ومن ثم البدء في رفع الأسعار بصورة تدريجية، مع زيادة مخزون الوحدات الجاهزة لبيعها في فترات استعادة السوق لطبيعته، وتعويض الخسائر التي لحقت بالمراحل السابقة من المشروعات.
وكشف تقرير شركة زى بورد كونسالتينج، فإن ترتيب الشركات الأعلى في تحقيق المبيعات بالربع الأول يتضمن مجموعة طلعت مصطفى بحجم مبيعات بلغ 21 مليار جنيه بمعدل نمو 289٪ عن الربع الأول من العام الماضى وتمثل هذه المبيعات نحو 63٪ من اجمالى مبيعات المجموعة لعام ٢٠٢٢، وحققت شركة أورا ديفلوبرز المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، 15 مليار جنيه بمعدل نمو 329٪ عن الفترة المماثلة وحوالى 78٪ من اجمالى مبيعات العام الماضى.
وبلغت مبيعات شركة بالم هيلز 7 مليارات جنيه بمعدل نمو 27٪، وإعمار مصر 5 مليارات جنيه بتراجع 23٪، وسيتى إيدج 4.6 مليار جنيه بمعدل نمو 130٪، وماونتن فيو 4.5 مليار جنيه بتراجع 26٪ وشركة إل إم دى 3.9 مليار جنيه بنمو 48٪، وشركة مصر إيطاليا 3.4 مليار جنيه بنمو 36٪، وتطوير مصر 3.25 مليار جنيه بنمو 48٪، شركة مراكز العقارية 3.1 مليار جنيه بمعدل نمو 78٪.
المطورون حددوا رؤيتهم في وضع السوق العقاري وكيفية الخروج منه، حيث أشاروا إلى أن وجود مساندة حكومية من خلال تقديم تيسيرات للشركات سيكون هو صمام الأمان الأول في مواجهة تقلبات السوق، موضحين أن المحور الثاني والمتعلق بالمبيعات والإنشاءات فإنه يختلف من شركة لأخرى حسب وضعها ونوعية المشروع وحجم المباع والمنفذ به.
طارق شكرى رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرية، أكد أن تكلفة الإنشاءات على المطورين ارتفعت منذ اندلاع الأزمة فى مارس 2022 حتى الآن بمعدل يزيد عن 120٪، وهناك توقعات بأن تصل الزيادة إلى 150% خلال الأشهر المقبلة، وخاصة في ظل استمرار التذبذب في سعر العملات الأجنبية أمام الجنيه.
ومن جانبه قال عبدالله سلام الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة مدينة مصر، إن الشركة رفعت الأسعار خلال العام الماضي، بنسبة تراوحت بين 10% و15%، مع ارتفاع التكلفة ومواد البناء.
وأضاف أنه فيما يتعلق بخطة التسعير لدى الشركة، فإن العام الحالي شهد حتى الآن زيادات في الأسعار بنسبة بين 30% إلى 50%، موضحا أن تلك الزيادة هي التي تم إقرارها حتى الآن وفي انتظار ما سيستجد خلال الفترة المقبلة - إن حدث تغيير - ومن ثم التكيف مع تلك التغيرات.
محمود جاد، محلل مالى أول بشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، قال إن الحفاظ على هامش الربحية خلال الفترة القادمة، هو التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات العقارية فى ظل الضغوط الاقتصادية التى تواجهها، والتي أدت إلى وصول نسبة الزيادة في تكلفة الأعمال الإنشائية إلى 100% خلال 12 شهرا الماضية.
أكد ان الأزمة الثانية التي تواجه الشركات العقارية تتمثل في ضعف القدرة الشرائية مقابل رغبة الشركات فى زيادة الأسعار بما تناسب الارتفاع فى التكاليف وتحافظ على هامش الربحية وهو أمر صعب، إذ أن التحدى الأصعب أمام المطور هو كيفية تمرير الزيادة بشكل كامل أو البيع بنفس خطط السداد.