لعبة الكراسي الموسيقية
أحدث اللهث الدائم وراء التطورات التكنولوجية حالة من الاستهلاك المستمر التي تجاوزت السلع المادية ،إلى استهلاك العواطف والعلاقات الإنسانية ، وأثرت علي معاني الحياة والحب والأخلاق ،مما جعلت الأفراد مراقبين باستمرار بسبب الاستهلاك الشرس،وأيضا يشعرون بالقلق من الغد ، وقد غطى الاستهلاك غالبية الأشياء والعلاقات .
لقد طغت الفردية وأصبح الفرد يواجه الحياة دون سند، وأصبحت التجمعات البشرية تتمثل فى الحفلات ،والمعارض،و التجمعات الصاخبة ،التي تخلو من العلاقات الإنسانية ،فهي علاقات سطحية تقوم علي ممارسة اللحظة الحاضرة ،والتي ترفع شعار (عيش اللحظة). دون الاهتمام بتكوين روابط حقيقية .
وتم تصميم استراتيجية الإشباع الفوري ،وهي بلا شك مغرية حيث طرح الاختيارات اللامتناهية ..
ولكن يصاحبها القلق والخوف فالتكنولوجيا لا تقدم فرصة الحياة المستقرة.
كما يتم تقييم الأفراد وفق قدرتهم علي الاستهلاك ،فكلما استهلكت ارتفعت قيمتك ، وبالتالي يقع الفرد تحت حصار الاحتياج ،ومن ثم تكون حياة الفرد محفوفة بالمخاطر . فهو في حالة ترقب وحذر دائم.
ويتمثل الخوف من احتمال الفشل من اللحاق بالمستجدات المتسارعة .
فالحياة أصبحت أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية ،حيث أضحى الفرد تحت حصار الاستهلاك .
من أفكار سلسلة السوائل لعالم الاجتماع البولندي زيجمونت باومان ...ترجمة الدكتور حجاج أبو جبر .
بقلم الاستاذة الدكتورة نسرين البغدادي مقرر لجنة الحوار المجتمعي بالحوار الوطني