الثلاثاء 6 ديسمبر 2022 | 12:24 م

أم كلثوم البدوى .. أول مصرية تحصل على الدكتوراه من محو الأمية

شارك الان

 تمسكت بحلمها فى إكمال تعليمها حتى حققته وحصلت على الدكتوراه فى الإعلام ،فهى نموذج يحتذى به فى النجاح والإصرار ، أم كلثوم البدوى ٤٨ سنة ،من قرية الشنباب ،مركز البدرشين بمحافظة الجيزة ، لم تستسلم لنظرات السخرية وعبارات الإستهزاء من أهل قريتها بل تحدت الجميع وبعدما كانوا يطلقون عليها المثل الشهير" بعد ما شاب ودوه الكتّاب" أصبحوا يلقبونها بـ "الدكتورة " ،فهى أول مصرية تحصل على الدكتوراه من فصول محو الأمية .. فى  السطور التاليه تفاصيل أكثر عن رحلة د.أم كلثوم البدوى من محو الأمية إلى الدكتوراه.
 
 
 - بداية ، متى قررتى الإلتحاق بفصول محو الأمية ؟
كان لدى شغف التعلم منذ أن كان عمرى 7 سنوات ،حيث كنت أتمنى أن أتعلم وأذهب إلى الكتّاب مثلى مثل غيرى ممن فى نفس عمرى ،  لكن للأسف كان أهل قريتى يفضلون الذكور عن الإناث فى كل شىء حتى فى التعليم ،فيقومون بتعليم الذكور فقط أما البنت فيعتبرون عدم خروجها للتعليم هو نوعا من الحفاظ عليها على إعتبار أنها فى النهاية سوف تتزوج مبكرا فلا داعى لتعليمها وخروجها من المنزل ، لذلك قررت أن أتعلم القراءة والكتابة بنفسى وبالفعل إستطعت بمساعدة أحد المعارف أن أتعلم الكتابة والقراءة بالتدريج ، وبعد ذلك وأنا عمرى 14 سنة ، سمعت عن بدء فصول محو الأمية   لكنهم بدأوا بالذكور ،وعندما سمحوا للإناث بالإلتحاق بفصول محو الأمية تقدمت فورا لدخول الإمتحانات والحصول على الشهادة و الحمد لله حصلت على شهادة محو الأمية المعادلة للشهادة الإبتدائية.
 
- ما الذى دفعك لإكمال الدراسة وعدم الإكتفاء بشهادة محو الأمية ؟
لم أخطط للأمر منذ البداية ،لكن نجاحى فى كل خطوة كان يؤهلنى للإنتقال إلى الخطوة التاليه ، فبعدما حصلت على شهادة محو الأمية نصحتنى إحدى الصديقات بالتقدم للمرحلة الإعدادية لأنها كانت تعمل بالإدارة التعليمية ، وبالفعل تحمست جدا للفكرة وقمت بتقديم الأوراق ،وإلتحقت بالصف الأول الإعدادى وأصبحت أذاكر فى المنزل معتمدة بشكل كبير على الكتب الخارجية  كنت أذهب إلى المدرسة خلال فترة الإمتحانات فقط و الحمد لله كنت متفوقة على زملائى وحصلت على الشهادة الإعدادية بمجموع كبير شجعنى على الإلتحاق بالمرحلة الثانوية "إنتساب" ولم أذهب إلى المدرسة طوال سنوات المرحلة الثانوية أيضا وكنت أذاكر من المنزل وحصلت على مجموع 88% فى الثانوية العامة وإلتحقت بكلية الآداب قسم "إعلام ". 
- ولماذا اخترتى مجال الإعلام تحديدا لدراستك الجامعية ؟
اخترت مجال الإعلام لأننى كنت أطمح للعمل كصحفية حتى أخدم أهل قريتى ولكى أصبح همزة الوصل بينهم وبين المسئولين فى كل المجالات من خلال قلمى . كما أننى عاشقة للكتابة بكل أشكالها سواء كتابة الموضوعات الصحفية والقصص والأشعار وهو ما شجعنى على دراسة الإعلام .


-  لماذا فكرتى فى الحصول على الماجيستير والدكتوراه ؟
بعد أن إنتهيت من دراستى الجامعية عملت كصحفية بعدد من الصحف الخاصة و شجعنى عدد كبير من الزملاء وأساتذة الإعلام فى الحصول على الماجيستير وبعد ذلك تقدمت للحصول على الدكتوراه من جامعة عين شمس ،والحمد لله حصلت على الدكتوراه بدرجة جيد جدا مع مرتبة الشرف وأعمل حاليا صحفية ومدرس بالجامعات الخاصة .
 
- كيف كان رد فعل زوجك خلال رحلة تعليمك ؟
فى البدابة لم يتعامل زوجى مع الأمر بجدية ، فكان يعتقد أننى لن أستطيع فعل شىء ولم يتخيل أننى قادرة على تحقيق كل هذا النجاح  وكان دائما يمزح معى ويعتبرنى أبالغ فى أحلامى وطموحاتى ،فكان يتركنى أفعل كل ما أريده وهو غير مقتنع تماما بقدرتى على تحقيق أى شىء قوى ومؤثر لكن بعدما حصلت على الشهادة الإعدادية كان سعيد و منبهر فى نفس الوقت وبدأ يشجعنى و يحترم رغبتى فى إكمال دراستى لكن دون أن يؤثر ذلك سلبا على البيت والأولاد أو حتى على صحتى .وأصبح يدعمنى و يساعدنى ويقوم بتوصيلى إلى الإمتحانات وينتظرنى حتى أنتهى وهكذا .
 
 
- كيف قمتى  بتنظيم وقتك بين المذاكرة ومسئولياتك كزوجة وأم ؟
عاهدت نفسى من أول يوم فى التعليم ألا تؤثر مذاكرتى على بيتى وأولادى وألا يكون إكمالى للدراسة على حساب مصلحة أبنائى وإلتزاماتى و مسئولياتى تجاههم ،فكنت أصل الليل بالنهار ، فأستيقظ طوال الليل لإنهاء كل الأعمال المنزليه  ، وخلال فترة النهار أثناء تواجد أبنائى فى المدرسة كنت أذاكر أو أذهب للحصول على الدروس الخاصة بى .
 
- ما أهم الصعوبات التى واجهتك خلال رحلتك مع الدراسة وحتى الحصول على الدكتوراه ؟
واجهت العديد من الصعوبات والتى من أهمها ما تعرضت له من ضغوط وإستهزاء من الغالبية العظمى من أهل قريتى بعد حصولى على الشهادة الإعدادية ، حيث كان أهل القرية يشحنون زوجى ضدى حتى لا يتركنى أكمل تعليمى وكانوا يقولون له "يعنى هى هتبقى دكتورة ؟!" وكانوا ينصحونه بعدم إعطائى الفرصة للتعلم حتى لا أفترى عليه بعد ذلك !، لكنه لم يسمع كلامهم . كما أننى تعرضت كثيرا للسخرية وأشهرها مقولة " بعد ماشاب ودوه الكتاب " وكنت دائما ما أسمع كلام محبط من نوعية "روحى إغسلى وأطبخى لعيالك أحسن " ،لذلك كنت أتعمد الهروب من أى شخص يتعمد السخرية منى أو مما أقوم به وكنت أخفى الكتب أثناء السير فى الشارع أو الذهاب إلى الإمتحانات .
 
- كيف كان زملائك يتعاملون معك خاصة وأن هناك فارق سن كبير بينك وبينهم ؟
على الرغم من أننى كنت أذهب إلى المدرسة فى الإمتحانات فقط ،إلا أننى كنت أتعرض للإستهزاء من الطلاب الذين كانوا يدرسون معى بنفس الصف لأنهم أصغر منى بسنوات طويلة ،وكنت أشعر بحزن وإحراج شديد من كلامهم السخيف وخاصة فى الصف الأول الإعدادى ،لكن بمجرد أن ظهرت النتيجة ونجحت تلاشى تماما الإحساس بالحرج أو الضيق وأصبح كل ما يشغل تفكيرى هو أن أنجح وأحقق هدفى ، وبعد أن حصلت على الشهادة الإعدادية جمعت كل أهل قريتي الأميين الذين كانوا يسخرون منى و قمت بتعليمهم وبالفعل حصلوا علي شهادة محو الامية وكان عددهم ٥٠٠ دارس ودارسة .


 
- قمتى بتأليف 30 كتاب ، ما الرسالة التى تسعين لتقديمها من خلال تلك المؤلفات ؟
بالفعل قمت بتألفت ٣٠ كتاب ما بين قصص وأشعار وتحليل إجتماعى ومعظم مؤلفاتى عن المجتمع الريفى وتفضيل الرجل عن المرأة فى هذا المجتمع و ضياع حق المرأة فى التعليم و زواجها فى سن مبكر وهى غير قادرة على تحمل مسئوليات الزواج والنتائج المترتبة على كل تلك الضغوط وغيرها من الموضوعات والقضايا الهامة التى تتحدث عن إحتياجات المرأة فى الريف وحقوقها المهدرة و كيفية إستعادتها .
 
- ماذا عن أحلامك فى الفترة المقبلة ؟
أحلم بإفتتاح مركز تعليمي فى بيتي لتعليم كل فرد من أهل قريتى مجانا بدون أى مقابل مادي ،وإن شاء الله سوف أحقق هذا الحلم فى القريب العاجل . 


 
- من واقع تجربتك ،ما النصيحة التى تقدميها للشباب ؟
أنصح أى شخص فاته قطار التعليم ألا يستسلم مهما كبر فى العمر وأن يعمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم " اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد " ، لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ،كما أنصح الآباء والأمهات وخصوصا فى الريف والقرى بالحرص على تعليم بناتهم ،لأن المرأة المتعلمة تقدر قيمة التعليم ولديها القدرة على تربية جيل سوى ومستنير قادر على مواجهة الحياه بشكل أفضل .