"اليهود والدولة العثمانية".. أصدروا أوامر مشددة لولاة الشام تحرم على اليهود سُكَنى فلسطين وسيناء.. الكاتب جمال متولي الجمل يروي لـ «مصر الآن »ما وراء الكواليس...
قال الكاتب وبرلماني سابق جمال متولي الجمل عن قصة اليهود والدولة العثمانية وما بها من أحداث وكواليس خلف الحدث ،ونظرًا لأن اليهود يؤمنون بالمثل الإنجليزي السائر "بطيء ولكن أكيد -SLOW BUT SU r E " فلقد بدأوا في التمهيد بغزو فلسطين بمحاولة الهِجرة أولاً شيئًا فشيئًا إلى بلاد الشام ومصر عمومًا وسيناء وفلسطين خصوصًا وكان الناس على وعي تام بمخاطر اليهود ومكائدهم فرفعوا عرايض (تقارير) للسلاطين العثمانيين بخطورة هجرة هؤلاء إلى أرض الشام، وكان السلاطين وقتها على مستوى المسئولية فوقفوا بالمرصاد لهذه المحاولات وأصدروا أوامر مشددة لولاة الشام تحرم على اليهود سُكَنى فلسطين وسيناء، ومن هذه الأوامر :
- فرمان سليم الأول: وقد أصدره سنة 924هـ ومنع فيه هجرة اليهود إلى سيناء وطرد أي يهودي يدخل تلك المنطقة فورًا.
- فرمان سليمان القانوي : وأكد فيه الفرمان السابق لأبيه سليم الأول مما يوضح أن الخطر اليهودي كان لا يزال ماثلاً على سيناء وفلسطين.
- فرمان مراد الرابع: وقد أصدر هذا السلطان ثلاثة فرمانات متتالية 989هـ السبب في ذلك أن اليهود رغم كل هذه التشديدات لم يكفوا عن محاولاتهم الهجرة إلى سيناء بداية من مدينة الطور، لقدسيتها لديهم من ناحية ومن ناحية اخري انها مدينة ساحلية بها ميناء واسع يصلح للاتصال مع الخارج فتكون بذلك نقطة تجمع مثالية، وكان يقود هجرة اليهود للطور رجل اسمه 'إبراهام' الذي استوطن هو وبعض العائلات هناك، ولم ينكشف أمره حتى اشتكى رُهَبان دير سانت كاترين للدولة من إيذاء اليهود لهم فصدرت الأوامر السابقة لطردهم من سيناء.
السلطان عبد الحميد واليهود:
يعتبر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني أقوى من وقف أمام محاولات اليهود لاحتلال فلسطين وظل صامدًا طيلة فترة حكمه التي امتدت ثلاثة وثلاثين سنة متصلة كان فها عبد الحميد العقبة الكؤود التي تحطمت عليها محاولات اليهود للاستيلاء على فلسطين، ولم يتمكن اليهود من هدفهم إلا بعد الإطاحة بالسلطان الصالح عبد الحميد رحمه الله ، وإسقاط نظام الخلافة الاسلامية كُلياً .
أما عن أهم مجهودات السلطان عبد الحميد في الدفاع عن فلسطين:
1- أصدر فرمانًا سنة 1300هـ لولاة القدس وبيروت واللاذقية وحيفا بمنع أي يهودي خاصة من روسيا أو رومانيا أو بلغاريا من أن تطأ قدمه أرض فلسطين، وذلك بعد محاولات كبار اليهود باليونان.
2- أصدر فرمانًا آخر سنة 1301هـ لرؤساء البعثات الدبلوماسية في الأستانة ( عاصمة دولة الخلافة في تركيا حينذاك ) جاء فيه صورة قرار مجلس الوزراء العثماني بمنع استيطان أو استقرار اليهود الروس في فلسطين.
3- أصدر فرمانًا آخر بألا تزيد مدة إقامة اليهود الراغبين في زيارة فلسطين عن ثلاثين يومًا ثم عُدل بثلاثة شهور بعد ضغط من القنصليات الأجنبية.
4- أصدر قرارًا يحرم بيع أراضي الحكومة بفلسطين مطلقًا لليهود بما فيهم رعايا الدولة العثمانية، وذلك بعدما اكتشف قبول بعض الموظفين الرشوة من اليهود مقابل تسهيل شراء أراض بفلسطين.
5- وقف كالطود العظيم أمام محاولات زعيم الصهيونية العالمية 'هرتزل' النمساوي الذي سعى كثيرًا للاجتماع مع السلطان عبد الحميد حتى استطاع ذلك بعد محاولات مضنية وفي هذا الاجتماع عرض على السلطان عبد الحميد دفع مبلغ عشرين مليون ليرة ذهبية مقابل شراء فلسطين لتكون وطنًا لليهود وسداد ديون الدولة العثمانية، وجاء رد عبد الحميد قويًا ناصعًا درة على جبين الأمة نارًا على الخونة والعملاء والجبناء المنهزمين حيث قال له: 'إن فلسطين ليست أرضي إنما أرض المسلمين الذين حاربوا في سبيل هذه الأرض ورووها بدمائهم، دع اليهود يحتفظوا بملايينهم فإذا تفككت إمبراطوريتي فإن اليهود قد يحصلون على فلسطين بدون مقابل، ولكنهم لن يصلوا إليها إلا على أشلاء أجسامنا بعد تمزيق أوصالها" .