المشير محمد عبد الغني الجمسي: قائد عسكري بارز ومفاوض صلب
صُنِّف المشير محمد عبد الغني الجمسي ضمن أبرز 50 قائدًا عسكريًا عالميًا وفقًا لأشهر الموسوعات العسكرية، ويُعدّ واحدًا من أكثر القيادات العسكرية المصرية دراية بالعدو، الأمر الذي ساعده على تولي مناصب قيادية رفيعة، مثل رئاسة هيئة تدريب القوات المسلحة ورئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة في عام 1972،لم يغادر هذا المنصب إلا أثناء حرب أكتوبر 1973 لتولي رئاسة أركان حرب القوات المسلحة.
تميّز الجمسي بشخصية قيادية بارعة ومفاوض صلب خلال مرحلة حاسمة من تاريخ مصر. قاد القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973، وكان له دورٌ محوري في تحقيق النصر وتحرير سيناء، كما وضع خطة شاملة لتصفية الثغرة في الغرب، عُرفت باسم "شامل"، والتي تحدث عنها موشيه ديان في مذكراته وأشار إلى مدى خطورتها على القوات الإسرائيلية.
خلال المفاوضات، اشتهر الجمسي بمواقفه الصارمة. قاد وفد مصر في مفاوضات "الكيلو 101" حيث أبدى رفضًا قاطعًا لأي اقتراحات إسرائيلية تمس سيادة مصر على سيناء. وفي محادثات أسوان، أكد وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر أن الإسرائيليين كانوا يخشون الجمسي أكثر من أي قائد عربي آخر، وهو ما تجلى في موقفه الرافض للمقترحات الإسرائيلية المتعلقة بالانسحاب.
وُلد المشير الجمسي في 9 سبتمبر 1921 بقرية البتانون في محافظة المنوفية، وتخرج في الكلية الحربية عام 1939، ليصبح لاحقًا أحد أبرز قادة سلاح المدرعات في الجيش المصري. شارك في معركة العلمين خلال الحرب العالمية الثانية، وتدرج في المناصب العسكرية إلى أن أصبح رئيسًا لهيئة العمليات في القوات المسلحة، حيث أشرف على التخطيط لحرب أكتوبر 1973.
بعد الحرب، قاد الجمسي الوفد المصري في مفاوضات كامب ديفيد، وكان يُعرف بمواقفه الحازمة تجاه الجانب الإسرائيلي. في عام 1974، تم ترقيته إلى رتبة فريق، ثم إلى فريق أول في عام 1975، وتولى القيادة العامة للقوات المسلحة،كما كان آخر من شغل منصب "وزير الحربية" قبل أن يتم تغيير المسمى إلى "وزير الدفاع".
توفي المشير محمد عبد الغني الجمسي في 7 يونيو 2003 عن عمر يناهز 82 عامًا، تاركًا إرثًا عسكريًا عظيمًا، لا سيما دوره الفاعل في حرب أكتوبر التي ارتكزت على خطط دقيقة وضعها، منها ما عُرف بـ"كشكول الجمسي"، والذي لا يزال يُعرض في المتحف الحربي بالقلعة، ليظل شاهدًا على عبقرية هذا القائد الاستثنائي.