خاص لـ«مصر الآن»: ياسمين علي تتحدث عن أجدد مشاريعها الغنائية وطموحاتها الفنية خلال العام الجديد
لم يَكُن التحضير لحوار صحافي مع فنانة ذات صوت ملائكي بحجم ياسمين علي أمرًا ميسورًا، فلم يمر الوقت في انتظار إجاباتها على الأسئلة التي أرستها لها عبر «واتساب» دون الشعور بمزيج من الترقب والإثارة، كيف لا وهي أيقونة في عالم الغناء، زاع سيطها بين قلوب الجماهير خلال السنوات الأخيرة، حضورها على المسرح قشيب، وشغفها الفني أخاذ، فالحديث معها يعد رحلة بالتعرف على رحلة الفن المنيف، الذي شقّ طريقه إلى الأغنية المعاصرة، إضافة للتجول أكثر بمعرفة جُل ما تفكر به حاليًا.
كثيرة كانت الأفكار المُسبقة حول الحوار، ولكنها تلاشت تمامًا عندما بدأت ذات الـ 34 عامًا حديثها، الذي يكشف عن شخصية قوية وعميقة تتأنى في اختيار ما تغني، قادرة على نقل أفكارها ببساطة لا متناهية، ولكن بجاذبية تأسر كل من يصغي إليها.
إن ياسمين علي التي تعلق بها الجمهور خير تعلق قبل 7 سنوات حينما أبدعت في تقديم أغنية «نقابل ناس» خلال إحدى إطلالتها التليفزيونية آنئذ مع برنامج «معكم منى الشاذلي» والتي نقلتها من غياهب محدودية إنصاف موهبتها إلى أضواء التقدير والشهرة، بلا شك هي واحدة من ألمع الأصوات المصرية المعاصرة. ولدت ياسمين بقرية المحمودية التابعة لمحافظة البحيرة، وبجانب إبداعها الغناء فإنها يممت طريقها نحو التمثيل أيضًا من خلال فرقة الفنان القدير محمد صبحي، واستهلت أولى حفلاتها الغنائية بعمر الـ 8 سنوات خلال افتتاح قصر ثقافة الأنفوشي، تخرجت في كلية الإعلام واحترفت الإخراج، تعلمت أصول الموسيقى بدار الأوبرا، مما أعطاها أساسًا قويًا في الفنون الموسيقية، خلال الأعوام الأخيرة قدمت ياسمين العديد من الأغاني الطربية التي حملت بصمة كبار الأصوات المصرية، وتبنت أسلوبًا عصريًا بعدم اتخاذها لون معين مع الغناء ملاذًا لها، بل إنها أخذت تنوع بين الأغاني التي يطغو على جزءًا منها البهجة والتفاؤل تارة والأغاني ذات الطابع الدرامي تارة أخرى، ما ساهم في رسم هويتها الفنية، وترسيخ صوتها داخل قلوب محبيها بسلاسة ويسر، وأكد مكانتها كإحدى الأصوات الرائدة في الساحة الغنائية المصرية والتي ستحمل على عاتقها حمل رايتها مستقبلًا بين ربط ماضي الأغنية المصرية بحاضرها.
بدأ الحديث من نقطة النهاية، بمناقشة أحدث أعمالها الغنائية المرتقبة، حيث تستعد ياسمين علي، لطرح أغنيتين جديتين، مع حلول عام 2025، انتهت قبل أيام قليلة من تصوريهما، والتي وصفت ياسمين بأنهم "حاجة فوق الخيال"، حيث قالت: "ارتقبوا مع حلول العام الجديد أغنيتين جديدتين على طريقة الفيديو كليب في لبنان، الأولى بعنوان «شمعة جديدة»، وأقدمها باللهجة المصرية، من كلمات محمد حسن معوض، وألحان حازم أحمد، وتوزيع بدر مصطفى، والأغنية خاصة بأعياد الميلاد، والثانية بعنوان «إهداء»، من كلمات كريم حكيم، و،لحان وتوزيع مودي منير".
في موضع حديثها عن الأغنينين المرتقبتين، حرصت ياسمين علي على توجيه سيل من المديح في حق مخرج الأغنيتين فادي حداد ومعه فهد الزاهد رئيس شركة لايف ستايلز ستوديوز وتضيف: «التعاون مع مخرج فذ ومحترف على درجة عالية من الكفاءة بحجم فادي حداد الذي جمعتني معه خلال الفترة الأخيرة الكثير من الأغاني التي قدمتها وأشرف على إخراجها هو أمر يدعو للفخر، كما وأوجه التحية والثناء أيضًا للمنتج فهد الزاهد مالك "lifestylez studio" ذو الرؤى المستنيرة والأفكار الجذابة والتي جمعتني معه هو الآخر الكثير من المشاريع الفنية الذي أشرف على إنتاجها وحققت زخمًا وقبولًا مميزًا عند الجمهور، وهو الذي قرر تصوير العملين المنتظرين مع بداية العام الجديد في لبنان، هو اختيار سرني للغاية وأسعد قلبي، فلبنان تعيش الآن حالة سياسية صعيبة، وتصوير كليب غنائي داخل ضواحيها هو رسالة وافية على مدى الحب والتقدير منا تجاه أرض الأرز».
يلاحظ المستمع تصوير جميع أعمال ياسمين علي الغنائية على طريقة الفيديو كليب: «ماكذبش عليك أنا على اقتناع تام أن الصورة دائمًا تأتي مُكملة للصوت، وذلك لعدة عوامل منها أنها تشرح وتُفسر موضوع الأغنية ومضمونها بشكل أوضح، كما أن ظهوري على الشاشة والتفاعل مع الكاميرا بشكل حي يجعلني أكثر قربًا من الجمهور، وتثبت الصورة في أذهانهم على مر الأجيال، ونحن في عصر الصورة واللقطة، وليس فقط من الآن، لكن هناك مئات الأعمال الغنائية التي حققت نجاحًا كبيرًا وثبتت في أذهان الجمهور بسبب تميز فكرة الفيديو كليب والصورة الإخراجية، (تضحك) "عيبة في حقي" أن أكون خريجة كلية إعلام ودرست الإخراج ولا أتخذ تصوير الأغاني على هيئة كليبات نهجًا لي في أغلب أعمالي، (تعاود الضحك) أودي وشي من نفسي فين».
وبعد الحديث عن أبرز مشاريعها الفنية المقبلة اتجهت مع ياسمين علي للغوص أكثر في تفاصيل اختياراتها الفنية وتعاوناتها الموسيقية. كشفت ياسمين عن فلسفتها وراء اختيار الأغاني وكيفية تكوين رؤيتها الموسيقية منذ اللحظة الأولى، مشيرةً إلى أن الكلمات الجيدة تلعب دورًا محوريًا في قراراتها: «يستحوذ على حيز تفكيري دائمًا شكل الأغنية هيكون إزاي، اختياراتي دائمًا تكون بالتأني وعدم العجلة في تبني كلمات قوية تتماشى مع طريقتي، تقول ياسمين بحماس، مؤكدةً أن فكرة التفاعل المباشر مع الجمهور هي إحدى العناصر الأساسية التي ترافقها أثناء تسجيل أي عمل».... تُضيف: «يجب أن يتناسب لحن الأغنية التي أنجذب نحوها مع إمكانيات ومساحات صوتي، وهي معايير قد تبدو بسيطة لكنها أصبحت صعبة ونادرة في الوقت الحالي».
تميزت ياسمين خلال الآونة الأخيرة بتقديم واختيار الأغنيات التي تحمل جرعة كبيرة من التفاؤل والطاقة الإيجابية بداية من "اتفائلوا بالخير”، مرورًا بـ“ما ضاقت إلا ما فُرجت”، وصولًا لـ “حلوة الدنيا” وهو ما جعل البعض محض عدد من التساؤلات عن سبب تصميمها على هذا اللون تحديدًا من الأغاني مؤخرًا: «إطلاقًا، فالأمر ليس مقصود، وأختار هذه الأغنيات بشكل عفوي، لكن أشعر أن الله أختص صوتي لتقديم الكلمات والموضوعات التي تحمل جرعة كبيرة من البهجة والتفاؤل والطاقة الإيجابية، ولكنني على الجانب الآخر قدمت أغاني ذات طابع ديني «رسول الله» وأخرى يتزينها مسار القومية العربية والتي عبرت عنها من خلال «الأصول العربية»، وتؤكد بأنها لا تقف عند إطار غنائي معين وتستطيع تقديم مختلف الألوان من الموسيقي شريطة بأن تلامس كلماتها قبلها وبالتالي ستلامس الجمهور».
بعد توضيح كيف تختار ياسمين علي ما تغني، اتجهت معها في النصف التالي من الحوار نحو سؤال آخر يدور في ذهن محبيها والذي يتمثل في سبب قلة تقديمها للدويتوهات الغنائية: «لأنه لم يُعرض عليّ أعمال جيدة، ولو وجد شيء مناسب من لحن وكلمات بكل تأكيد أوافق، إلى جانب التأكيد على ضرورة أن يكون صوت المطرب أو المطربة الذي سوف أتعاون معه في الأغنية مناسب مع صوتي، تضيف كنت على وشك تسجيل أغنية دويتو بيني وبين مطرب كبير على الساحة الفنية له من الحب ما له في قلوب الكثيرين، ولكن الخطوة تأجلت وأسعى بأن يتم التعاون خلال العام الجديد».
وأكدت ياسمين أنها من كبار محبي "الدويتوهات الغنائية" ولما لا فهي التي غنت جنبًا إلى جنب رفقة الفنان المخضرم علي الحجار العام الماضي: «كنت في قمة السعادة وأنا أغني مع الفنان علي الحجار، وقوفي بجانبه كان بمثابة الحلم».
في الجزء الأخير من المقابلة، تحدثت ياسمين عن غايتها التي تتمثل في تقديم حفل غنائي داخل دار الأوبرا المصرية والتي تعد ابنة من أبنائه، وعن سر تهميشها من قبل مسؤولي المهرجنات الغنائية في مصر وهل لقلة الحظ دور في هذا: «أنا لا أؤمن بموضوع "الحظ"، ولكن التوفيق من عند الله عز وجل هو الأساس، ولكن فكرة عدم تواجدي أو مشاركتي في المهرجانات الغنائية، ليس لديّ إجابة واضحة حول هذا الأمر، وكل ما أريد أن أقوله هو أن المسؤولين عن المهرجانات لم يعرضوا عليّ هذا الأمر».
تكمل: «بكل تأكيد أشعر بضيق؛ لأنني أري عدم تقدير لموهبتي، وأتساءل لماذا لا تتم دعوتي لتقديم حفل غنائي بدار الأوبرا المصرية وأنا الذي طرقت على مسؤولي الدار الباب مرارًا وتكرارًا؛ للغناء داخل الأوبرا فقوبلت بعدم الرد، وسيظل الغناء في الأوبرا أحد أهم أحلامي».
إن ياسمين علي ليست مجرد فنانة، بل هي رمز لصوت مصر وجسر يصل بين الأجيال الموسيقية المختلفة، تثبت دائمًا أنها فنانة قادرة على التكيف والتجديد دون التخلي عن هويتها، فهي التي يتحكم عليها الإبداع رغمًا عنها، وصفت بأنها تغني خارج السرب، إلى أن تبين أنها السرب بحد ذاته، كون فنها محمل بكافة معاني التميز والتجديد.