أم كلثوم.. أيقونة لا تموت بعد 50 عامًا على رحيلها
مرت خمسون عامًا على رحيل كوكب الشرق، ورغم ذلك، لا يزال صوتها يملأ الأرجاء، وأغانيها تتصدر المشهد الفني، وكأنها لم تغب أبدًا.
أم كلثوم لم تكن مجرد مطربة، بل أسطورة صنعت مجدها بسبع صفات فريدة جعلتها تتربع على عرش الطرب العربي بلا منازع.
آمنت أم كلثوم بأن الموهبة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى جهد متواصل وتطوير مستمر. لذا، كرّست حياتها للتدريب والدراسة، ما جعلها واحدة من أعظم الأصوات في تاريخ الغناء العربي.
بدأت رحلتها بحفظ القرآن الكريم في قريتها طماي الزهايرة، مما منحها مخارج حروف سليمة، ثم تعلمت التواشيح الدينية التي صقلت صوتها، قبل أن تنتقل إلى القاهرة لتشق طريقها بين عمالقة الفن.
كانت عاشقة للشعر والأدب، تقرأ وتحفظ وتناقش، ما ساعدها على اختيار كلمات أغانيها بدقة، لتبقى نصوصها خالدة في وجدان الأجيال.
رفضت أن تكون نسخة من غيرها، فاختارت لنفسها لونًا غنائيًا خاصًا، وصوتًا يعبّر عن هوية مصر وثقافتها، دون أن تتأثر بأي تيارات دخيلة.
لم يكن حبها لمصر مجرد شعارات، بل أفعال. بعد نكسة 1967، تبرعت بأجر حفلاتها لدعم المجهود الحربي، وساهمت في جمع التبرعات لإعادة بناء الجيش.
كانت تؤمن بأن الغناء رسالة، فأخلصت لفنها واحترمت جمهورها، فحافظت على جودة أعمالها، ولم تتنازل يومًا عن معاييرها العالية.
رغم شهرتها وثروتها، لم تنسَ جذورها. دعمت أسرتها ماليًا، وكانت تعود بعد كل حفلة لتضع أجرها بين يدي والدتها، في صورة من صور البرّ والتواضع.
بعد نصف قرن على رحيلها، ما زالت أم كلثوم رمزًا خالدًا للطرب العربي الأصيل، وصوتًا لا تغيب عنه الشمس. سواء في القلوب أو على خشبات المسارح، ستظل الست "أنت عمري" التي لا تُنسى.