وزراء: الدولة المصرية حريصة على حماية الملكية الفكرية باعتبارها ركنا للتنمية المستدامة
أكد وزراء العدل والزراعة والاتصالات والتموين والتعليم العالي، حرص الدولة المصرية على مواكبة العصر وحماية حقوق الملكية الفكرية وفق استراتيجية متكاملة تشمل مختلف جوانبها، ونشر ثقافة حماية الملكية الفكرية على المستوى الشعبي، باعتبار أن هذا الأمر يمثل ركنا أساسيا في تحقيق التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات التي أوجدتها التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي.
جاء ذلك في جلسة النقاش الوزارية التي عقدت خلال أعمال المؤتمر الإقليمي الأول للتوجهات القضائية الحديثة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية في البيئتين التقليدية والرقمية، والذي انطلقت أعماله اليوم ويستمر لـ 3 أيام، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتنظمه وزارة العدل بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بمشاركة وزير العدل المستشار عمر مروان، ووزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت، ووزير التموين الدكتور علي المصيلحي، ووزير الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور السيد القصير، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ونائبة مدير عام المنظمة العالمية للملكية الفكرية سيلفي فوربان.
وقال المستشار عمر مروان وزير العدل، إن مصر تحرص بشدة على مواكبة العصر والتطور الكبير الذي تشهده مسألة الملكية الفكرية، كونها من الأمور وثيقة الصلة بجهود التنمية، الأمر الذي من شأنه أن يشكل بيئة جاذبة للاستثمار والتنمية وحصول صاحب الحق على كامل حقوقه حال وقوع أي اعتداء قد يتعرض له.
وأشار إلى أن مصر تعكف على إعداد مشروع قانون جديدا ومتكاملا لحماية الملكية الفكرية، يواكب تطورات العصر الحديث، ويتلاءم مع متطلبات العصر عوضا عن القانون القائم حاليا والموجود منذ عام 2002 .
واستعرض المستشار عمر مروان، تاريخ التشريع المصري مع الملكية الفكرية، ولجوء القاضي المصري إلى القواعد العامة للقانون المدني والتي كانت تقتصر على التعويض المدني لصاحب الفكرة أو المفكر، وما أعقب ذلك من وضع تشريع في عام 1954 ، أعقبه القانون المعمول به حاليا منذ عام 2002 .
وأكد أن التشريع الذي يتم العمل على وضعه حاليا، يستهدف توحيد الجهات المعنية بالملكية الفكرية، في ظل توزع المسئولية في الوقت الحالي على عدد من الوزارات والأجهزة، حيث يستهدف وضع منظومة موحدة لحماية الملكية الفكرية تقوم على الجهاز المستقل الوحيد الذي يهيمن على هذه العملية.
وتابع قائلا إن القانون الجديد يتضمن تهيئة المُناخ التشريعي لحماية ومواكبة التطورات الحديثة في مسألة الاعتداء على الملكية الفكرية مثل الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يستخدم بغزارة في الاعتداء على الملكية الفكرية، إلى جانب وجود قاض كفء وقادر ومدرب لتطبيق القانون بصورة سليمة ومعه خبراء على ذات المستوى من الكفاءة، حيث يتم عمل دورات تدريبية لهم مع القضاة لمواكبة التحديثات اللازمة.
وأوضح أن وزارة العدل كانت سباقة إلى إقامة العديد من الدورات التدريبية في هذا الشأن، وشملت أكثر من 300 قاض بالمحاكم المتخصصة المعنية بجرائم الملكية الفكرية بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية، ودورات أخرى في العديد من دول العالم المختلفة لضمان الكفاءة للقائمين على تطبيق القانون في مجال الملكية الفكرية.
وشدد على أن سرعة الإجراءات أمام القضاء، تعد عنصرا أساسيا في التشريع الخاص بحماية الملكية الفكرية، وأنه قد بدأت هذا الأمر بميكنة جميع الإجراءات في المحاكم الاقتصادية بالكامل، الأمر الذي من شأنها أن ييسر من إقامة الدعوى القضائية والمطالبة بالحق.
من جهته، قال الدكتور السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الملكية الفكرية في مجال الزراعة من أهم الموضوعات والحقوق التي ينظمها القانون، لا سيما على صعيد حماية الأصناف النباتية، وهو الأمر الذي حدا بالوزارة إلى إنشاء مكتب مستقل لحماية الأصناف النباتية وتسجيلها.
وتابع: "وجود مصر كعضو في الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية، جلب فوائد عديدة على الزراعة".. موضحا أن المنظمات والكيانات المحلية والعالمية المعنية بالأصناف الجديدة، تنفق استثمارات كبيرة في هذا المجال، وتحرص على وجود تطبيق قواعد صارمة في مجالات الحماية الفكرية لدى الدول التي تتعامل معها.
وأشار إلى أن استنباط الأصناف النباتية يتطلب إنفاق أموال طائلة للغاية، كما أن حماية الأصناف الزراعية يشجع بدوره على الاستثمارات، ويشجع الباحثين والمبتكرين، إلى جانب الحرص على أن تكون مصر مركزا إقليميا في مجال حماية الأصناف النباتية، والتقاوي والأصناف المتميزة التي تكون مقبولة للتصدير للأسواق الخارجية.
وشدد على أن التمسك بالقواعد والآليات لتطبيق الملكية الفكرية، كان من شأنه أن مصر أصبح لديها 450 صنفا يتم تصديرها إلى الأسواق الخارجية حول العالم، مشيرا إلى أن هذه الدول ما كان لها أن تقدم على تبادل الأصول الوراثية مع مصر إلا إذا تأكدت أن هناك قواعد صارمة في مجال الحماية للملكية الفكرية.
وقال: "نتيح للمزارع المصري أصناف متميزة تتواكب مع الظروف المناخية وإنتاج أصناف تتأقلم مع الظروف المناخية المعاكسة، بما ينعكس إيجابا على زيادة دخل المزارع والمصدر المصري بإنتاج أصناف عالية الجودة".
وأضاف: "قطاع الزراعة والنبات مجال كبير لتطبيق الحماية للملكية الفكرية، ومصر كانت من أوائل الدول التي طبقت الحماية الفكرية في المجال الزراعية، ولهذا أصبحنا نصدر 450 منتجا لمختلف الأسواق العالمية، وهذه المنتجات والأصناف تتمتع بالجودة العالية نتيجة وجود إجراءات حماية صارمة للملكية الفكرية للأصناف الزراعية.
من جانبه، قال الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن جهود الوزارة نجحت في خفض معدلات القرصنة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية لأكثر من 50% خلال الآونة الأخيرة، فضلًا عن التعاون مع وزارة العدل في مجال وآليات حماية حقوق الملكية الفكرية أسفر عن إنشاء أول معمل طب شرعي في إفريقيا متخصص في البرمجيات واكتشاف إنتاجها بما يخالف القانون، فضلًا عن إصدار التقارير الفنية عبر الخبراء والتقيين وتقديمها للقضاء للفصل في القضايا المتعلقة بالملكية الفكرية والتي ناهزت أكثر من 6200 تقرير خلال الفترة الأخيرة.
وشدد وزير الاتصالات، على اعتماد الوزارة على "الحوكمة" في مزاولة نشاط البرمجة للتوعية بأهمية ملف الملكية الفكرية وإيداع مصنفات الحاسب وقواعد البيانات الرقمية، مشيرًا إلى إطلاق خدمات جديدة على منصة مصر الرقمية في القريب العاجل لتسجيل وحماية الابتكارات والأفكار.
وقال عمرو طلعت، إن التطور الهائل في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومنه الذكاء الاصطناعي زادت التحديات الجديدة التي تمزج بين البعدين القانوني والتكنولوجي ما يزيد أهمية حماية حقوق الملكية الفكرية، مشيرًا إلى أن تلك الحقوق تعد ملفًا قانونيًا رقميًا يتصدى له رجال وزارة العدل.
وشدد على أهمية الملكية الفكرية، خاصة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا المعلومات التي تعتمد على الإبداع، ما يزيد أهمية صونه، لافتًا إلى أن حجم الخسائر السنوية عالميا بسبب انتهاك حقوق الملكية الفكرية في مجال التكنولوجيا يقدر بنحو 40 مليار دولار سنويًا، مشيرًا إلى ما ظهر حديثًا من منظومات الذكاء الاصطناعي الحوارية، والتي أبرزت تحديات جديدةو لأن آليات البحث على الفضاء السيبراني كان له قواعد فيما يتعلق بنقل النتاج الفكري، ولكن مع المنظومات الجديدة فهي منتجة لمنتجات فكرية جديدة ولكنها ليست مرتبطة بما نقدمه ولكن مما نصنعه وفق منظومة آلية بعقل إلكتروني وليس عقل بشري.
وأضاف أن جهود تبذل من أجل مواكبة المبادئ القانونية للتطور الهائل في مجال التكنولوجيا وهو ما يواجهه العالم كله في مجال الذكاء الاصطناعي الحواري ومجال السيارات التي بات هناك أسئلة ملحة تطرح حول المسئولية القانونية بشأن السيارات ذاتية القيادة؛ ما يمثل تحديا لرجال القانون والتكنولوجيا.
ولفت إلى أن نقطة الانطلاق الحقيقية كانت عبر إطلاق استراتيجية الملكية الفكرية، في سبتمبر الماضي والتعاون بين الوزارات لزيادة وعي المجتمع بكل عناصره بأهمية الملكية الفكرية، وتدشين مكتب الملكية الفكرية التابع لهيئة صناعة تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى عقد سلسلة متصلة من ورش العمل والتعاون مع رجال القضاء والشرطة والمصنفات الفنية سبل مكافحة الاعتداء على الملكية الفكرية.
بدوره، أكد الدكتور علي مصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، أن محاور الإطارين التشريعي والتنظيمي، بالإضافة إلى استراتيجية الملكية الفكرية التي أطلقتها مصر سيكون لها عظيم الأثر في الدفع بحماية الملكية الفكرية لما توليه الدولة من أهمية تمتد إلى نشر ثقافة الملكية الفكرية على المستوى الشعبي إلى الجانب التنظيمي.
وكشف مصيلحي، عن العمل حاليًا على جهاز تنظيمي جديد يربط هيكله بين مختلف الوزارات ويعمل من خلال الميكنة الكاملة لكل الإجراءات ورفع الوعي المجتمعي لأهميتها في البرامج والدورات التدريبية لتصبح جزء من الثقافة العامة وصولًا إلى الحماية المجتمعية وليست فقط من الناحجية المجتمعية.
ولفت مصيلحي إلى زيادة الإقبال على تسجيل الملكية الفكرية في مصر بشكل كبير منذ عام 2017، ليشمل تسجيل ما يناهز الـ5 آلاف علامة تجارية دوليًا سنويًا، ليبلغ إجماليها نحو 143 ألف علامة تجارية سجلت دوليًا و540 ألف علامة تجارية تم تسجيلها محليًا، مشيرًا إلى تغير المناخ والظروف الحالية، وأهمية دعم التنمية الاقتصادية في حماية الملكية الفكرية، لتشمل العلامات التجارية والنماذج الصناعية والمؤشرات الاقتصادية.
ولفت إلى أن العلامات التجارية بدأ تسجيلها في مصر في أربعينيات القرن الماضي، ونجحنا أخيرًا في تسجيل المؤشرات الجغرافية كلمكية فكرية حول إنتاج منطقة جغرافية معينة لمحاصيل معينة ليتم تسجيلها بملكية فكرية لا يجوز نقلها، وذلك كأحد نتائج إطلاق استراتيجية الملكية الفكرية في سبتمبر الماضي والتعاون مع المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية.
واستعرض مصيلحي جهود الوزارة في ربط العلامات التجارية مع السجل التجاري وتسجيل العلامات من مختلف المكاتب في الجمهورية، ويتم إصدار القرار مركزيًا ولكن بضمانات التسهيل في التسجيل للهيكلة ورفع القدرات البشرية، مشيرًا إلى أن الإيداع الإلكتروني يسمح بالوصول بالطلب إلى اللجنة القانونية التي تبت في المسألة وهو إجراء أدى إلى رفع كفاءة الأداء وزيادة معدلات الإنجاز والإقبال.
من جانبه، استعرض محمد عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، فعالية استراتيجية الدولة لحماية الملكية الفكرية، واستغلالها في تحقيق التنمية المستدامة عبر التكاملية وربط البحث العلمي بالمشروعات المختلفة لخلق التعاون وتوجيه أولويات البحث العلمي بما يحقق الاستدامة.
وأشار عاشور إلى إلى التعاون مع المنظمة العالمية لحماية حقوق الملكية الفكرية لتحديد أطر الحمائية وانعكاسها على اعتبار بنك المعرفة نموذج تطبيق عملي لكل دور النشر والأبحاث وجميع المنتجات العلمية على مستوى العالم وحماية الملكية الفكرية لضمان أن تكون في مستوى قومي والوصول إلى كل باحث، وربط مشروعات طلاب الجامعات مع المشروعات المجتمعية بمختلف قطاعاتها.
ولفت عاشور إلى القواعد المتبعة في البحث العلمي على مستوى الرسائل العلمية لضمان حماية الملكية الفكرية بنسب قياسية عالمية فيما يتعلق بالنقل والاقتباس، مشيرًا إلى دور أكاديمية البحث العلمي والصناعة لتطبيق الهدف الاستراتيجي في دور التوعية في المجتمع المصري عبر تنظيم أنشطة ومبادرات لتنظيم الوعي والابتكار لدى طلاب الجامعات وتطوير مناهج دراسية متكاملة لضمانات حقوق الملكية الفكرية، وكذلك إقامة مسابقات وجوائز سنوية كحزمة متنوعة تتعلق بتشجيع الابتكار والإبداع بما يستهدف الطلاب والشباب ودعم الابتكار.
من ناحيتها، قالت نائبة المدير العالم للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) سيلفي فوربان، إن المشاركة الفاعلة من قبل الوزراء المصريين في المؤتمر الإقليمي الأول للتوجهات القضائية الحديثة في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، تمثل إشارة قوية جدا ومحفز يشجع منظمة الويبو على تقديم المزيد من المساعدة والتعاون مع مصر.
وثمنت نائبة مدير منظمة الويبة العمل المتميز للدولة المصرية في شأن حماية حقوق الملكية الفكرية ودعوتها صناع السياسات والقضاة الذين يواجهون التحديات الخاصة بتطبيق الملكية الفكرية، وذلك في سبيل حماية المبتكرين والمبدعين ووضع تنظيم لهذا الأمر.
وشددت على أهمية تبادل الحوار والخبرات، باعتبار أن العالم سيكون أكثر تعقيدا كون التكنولوجيا ستكون متداخلة في كل الأنشطة، مضيفة: "تبادلنا لممارستنا وخبراتنا سيكون فهما أفضل في التعامل مع التطورات الحديثة".
وأثنت على فكرة المؤتمر الإقليمي الذي تقيمه مصر،باعتبار أن الملكية الفكرية ليست قيمة وطنية أو محلية فقط، وإنما هي قيمة دولية، وهو الأمر الذي يتطلب مناقشتها بلغة مشتركة.
وأشادت بـ "بنك المعرفة" المصري وقيامه على أسس تتيح الوصول اليسير إلى المحتوى العلمي والمعرفي مع احترام حقوق من كونوا هذا المحتوى، مشيرة إلى أن منظمة الويبو تود أن تعمل وتتعاون مع مصر في تعزيز المفهوم المتبع في إنشاء بنك المعرفة.