الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 | 04:27 م

الدكتور باسم التميمي القيادي بحركة فتح ل«مصر الآن»: مصر بقيادة السيسي تصدت لمخطط التهجير ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام خرق بنود «شرم الشيخ»


كشف الدكتور باسم التميمي، المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يحاول خرق اتفاق شرم الشيخ للسلام عبر سلسلة من القرارات المتطرفة التي اتخذتها حكومته، أبرزها إغلاق جميع المعابر في وجه المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، واستئناف عمليات الاغتيال والغارات، في تجاوزٍ صارخٍ للاتفاق الذي رعته جمهورية مصر العربية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبضمانة دولية من الولايات المتحدة وعدد من القوى الإقليمية.

وأوضح التميمي أن ما يجري ليس مجرد خروقات ميدانية، بل محاولة منظمة لتقويض الدور المصري التاريخي في الوساطة، عبر تشويه الموقف المصري وافتعال أزمات على الحدود وملف المعابر، مؤكدًا أن مصر كانت وستظل الدرع العربي الحامي للقضية الفلسطينية، وأنها لم تسمح بتمرير مخطط التهجير القسري أو تفريغ غزة من سكانها، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام خرق نتنياهو لاتفاق وقف النار في شرم الشيخ.

وأضاف التميمي أن نتنياهو يعيش مأزقًا سياسيًا داخليًا خانقًا، ويستخدم الملف الفلسطيني لتصدير أزماته عبر تصعيد عسكري متعمد ضد المدنيين في غزة ونسف التفاهمات التي تمت بجهد مصري دبلوماسي مكثف، مشيرًا إلى أن تلك السياسات الانتخابية الخطيرة تمثل مقامرة بمستقبل المنطقة واستقرارها، إذ يحاول نتنياهو توريط القوى الكبرى في أزمة جديدة ليضمن بقاءه في الحكم على حساب الدم الفلسطيني، في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس السيسي ترسيخ الموقف المصري الثابت: لا تهجير، لا مساومة، ولا تفريط في الحقوق الفلسطينية.

التقينا به وسألناه..


**ما تعليقكم على خرق نتنياهو لاتفاق شرم الشيخ وقرار حكومته إغلاق جميع المعابر في وجه المساعدات الإنسانية؟

-لا تزال حكومة الاحتلال، برئاسة بنيامين نتنياهو، تحاول إعادة فرض الحرب والإبادة على قطاع غزة، متجاوزةً كل ما حققه الوسطاء، وتحديدًا الدور الكبير والفاعل الذي قامت به جمهورية مصر العربية في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

هذه الحكومة ما زالت تعمل على تخريب وقف إطلاق النار، متذرعةً بشتى الحجج والذرائع الواهية.

هناك محاولات واضحة من جانب نتنياهو لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء بما يخدم استمرار حكومته وائتلافه الحاكم، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات المقبلة.
ويتضح ذلك من قرار حكومته تغيير اسم الحرب، في خطوة تحمل طابعًا دعائيًا يمكن توظيفه في الحملة الانتخابية القادمة.

نتنياهو أيضًا يعمل على إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني، وهو عمليًا يفرض السيطرة عليه بقوة السلاح، إلى جانب إغلاق جميع المعابر الأخرى التي يتم من خلالها إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك في خرق صريح لاتفاق وقف إطلاق النار ولـ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأعتقد أن محاولات نتنياهو لن تنجح، لعدة أسباب؛ أهمها الموقف العربي والإسلامي الموحد الرافض لهذه السياسات الإجرامية، وكذلك الموقف الصارم من جمهورية مصر العربية التي أعلنت بوضوح أنها لن تسمح بتمرير مخططات نتنياهو الهادفة إلى تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى خارج الأراضي الفلسطينية.

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، لديه إصرار كبير على المضي قدمًا في تنفيذ خطة وقف إطلاق النار، وهو ما يجعل من الصعب على نتنياهو المضي في مخططه دون رد فعل دولي قوي.

في كل الأحوال، ما يمارسه نتنياهو اليوم هو جزء من سياسة الإبادة الجماعية؛ فـ منع وصول المساعدات الإنسانية وتجويع المدنيين هو شكل من أشكال الإبادة ومحاولة لقتل الشعب الفلسطيني بوسائل غير مباشرة.

وأعتقد أن مصر، والأشقاء العرب، والوسطاء الدوليين، وكذلك الولايات المتحدة، لن يسمحوا باستمرار هذا الوضع، ولذلك أتوقع أن تعود الأمور إلى نصابها خلال يوم أو يومين، بفعل الضغوط الكبيرة التي يمارسها الوسطاء العرب والدوليون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

**هل ترى أن نتنياهو يسعى لنسف ما تبقى من التزامات سياسية وأمنية كانت قائمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل؟

-بكل تأكيد، حكومة اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو لديها برنامج واضح، وهو البرنامج الذي قام عليه هذا الائتلاف الحاكم، ويستهدف بالأساس الضفة الغربية، من خلال إلحاقها بدولة الاحتلال وبسط السيادة عليها وضمها بالكامل.

لذلك، ما يعترض حكومة نتنياهو في هذا الاتجاه مسألتان جوهريتان وأساسيّتان:
الأولى، وجود السلطة الوطنية الفلسطينية والاعتراف الدولي بها وبمكانتها كدولة فلسطينية تحت الاحتلال.
والثانية، الاعتراف الدولي بالوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها الضفة الغربية والقدس الشريف وقطاع غزة.

هاتان العقبتان الأساسيتان تعترضان حكومة نتنياهو في سعيها نحو الضم الكامل.
يضاف إلى ذلك عنصر أساسي وهام يتمثل في الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني على أرضه، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية أو في سائر الأراضي الفلسطينية.

ولذلك، يواجه نتنياهو هذه المعارضة بمجموعة من السياسات الاستيطانية العدوانية، أبرزها تعزيز ودعم الاستيطان، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع متعددة، منها ما يسمى بـ"الاستيطان الرعوي"، الذي يتمدد على مساحات واسعة من الأراضي.

ومؤخرًا، صدرت قرارات إسرائيلية تستهدف “الطابو” الفلسطيني في الضفة الغربية، تمهيدًا لمصادرة الأراضي وإحكام السيطرة عليها.
من هنا، فإن السلطة الفلسطينية اليوم في عين العاصفة، وفي مركز الاستهداف المباشر من قبل حكومة نتنياهو، في إطار خطة شاملة تهدف إلى الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية وضمّها وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة عليها.

**برأيك، هل هذه الخطوة استمرار لسياسة اليمين الإسرائيلي في التنصل من الاتفاقات، أم أنها تعبير عن مأزق داخلي في حكومة نتنياهو؟

-أعتقد أن هذه الخطوة هي مزيج بين المسألتين؛ فهي من جهة استمرار لسياسة اليمين الإسرائيلي في التنصل من الاتفاقيات، وهو ما ثبت على مدار الحياة السياسية الإسرائيلية بالكامل.

نتنياهو، منذ أن تولى رئاسة الحكومة في العام 1996، تنصل من اتفاقية الخليل التي تم توقيعها في حينه، ثم أعاد التفاوض حولها، لكنه ماطل كثيرًا، وحرّف الكثير من بنودها، ولم يلتزم طوال فترة وجوده في منصب رئيس الوزراء في دولة الاحتلال بأي من هذه الاتفاقيات.
بل على العكس، كان دائمًا ما يضع العراقيل أمام تنفيذها، وخاصة الاتفاقيات الاقتصادية التي تخلق مناخًا يخنق السلطة الفلسطينية، وأقصد هنا اتفاقية باريس الاقتصادية.

لكن في الوقت نفسه، ما يفعله نتنياهو هو أيضًا تعبير واضح عن مأزق داخلي داخل حكومته، فكلما ازداد تطرفًا في مواقفه تجاه الضفة الغربية، وحتى فيما يتعلق بـ قضايا غزة ووقف إطلاق النار، فإنه يفعل ذلك لإرضاء شركائه الأكثر تطرفًا مثل سموتريتش وبن غفير، في محاولة للحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم الذي يقوده، وإطالة أمد حكمه واستمرار بقائه في السلطة.

**ما الدلالة السياسية لنقض اتفاق رعته مصر برعاية دولية؟ وهل يشكل ذلك تحديًا مباشرًا للدور المصري التاريخي في عملية السلام؟

-أعتقد أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، وعلى مدار الفترة السابقة، بل على مدار العامين الأخيرين، أي عامي الإبادة ضد شعبنا في قطاع غزة، سعت ليس فقط إلى تهميش الدور المصري في الوساطة والرعاية بكل تفاصيلها، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك عبر الاشتباك السياسي والإعلامي مع الأشقاء في مصر، فقد دأبت حكومة نتنياهو على توجيه الاتهامات إلى جمهورية مصر العربية، بزعم أنها تقدم الرعاية والدعم للشعب الفلسطيني، بل واتهمتها أحيانًا بـ"دعم حالات تطرف داخلية"، في إطار حملة ممنهجة لتشويه الموقف المصري.
كما ادعت إسرائيل أن مصر خرقت اتفاقية كامب ديفيد بزيادة أعداد قواتها المسلحة في شبه جزيرة سيناء، وهو ادعاء لا أساس له من الصحة، وجاء ضمن محاولات الاحتلال لتقويض الدور المصري الإقليمي.

كذلك حاولت حكومة نتنياهو تشويه صورة جمهورية مصر العربية من خلال الادعاء بأنها أغلقت معبر رفح من الجانب المصري، في حين أن العالم كله يعلم أن الاحتلال الإسرائيلي هو من أغلق المعبر، بل وذهب إلى قصفه وتدميره بشكل مباشر.

هناك قلق تاريخي داخل الكيان الإسرائيلي من الدور المصري، بل يمكن القول إنه تهديد وجودي من وجهة نظرهم؛ لأن جمهورية مصر العربية هي العمود الفقري للأمة العربية، فعندما يكون الدور المصري حاضرًا وقويًا، يكون الدور العربي بدوره حاضرًا وقويًا أيضًا، لقد شكلت مصر، بنخبها السياسية والثقافية، الحاضنة الأساسية للنضال الفلسطيني على مدار العقود الطويلة الماضية، وكانت الدرع العربي الدائم للشعب الفلسطيني في كل المحافل الدولية والعربية، كما أن الأرض المصرية احتضنت الفلسطينيين في أحلك الظروف.

لذلك هناك استهداف واضح لهذا الدور المصري التاريخي، واستهداف أيضًا لدور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي أعلن منذ البداية، وعلى مدار العامين الماضيين، موقفًا ثابتًا وحازمًا ضد التهجير القسري للفلسطينيين، رغم كل التهديدات والمغريات التي قُدمت له أو لمصر لتسهيل تلك الجريمة.

لقد كان هناك تصدي مصري واضح، وتجسّد ذلك في استضافة الرئيس السيسي قمة خاصة بفلسطين، شكّلت درعًا حاميًا للشعب الفلسطيني من مخطط التهجير من قطاع غزة، لذلك، فإن هذا الدور المصري القوي والمستقل يشكّل خطرًا حقيقيًا على الاحتلال الإسرائيلي، وتحديدًا على حكومة نتنياهو ومخططاتها ضد الشعب الفلسطيني.

**من الناحية القانونية، ما الذي يعنيه نقض اتفاق موقّع برعاية دولية كاتفاق شرم الشيخ؟ وهل يترتب عليه إسقاط الاعتراف المتبادل أو الالتزامات الأمنية؟

-إسرائيل، بقيادة الحكومة الحالية، وهي أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخها، بل وربما من أكثر الحكومات تطرفًا على مستوى العالم، تمثل اليوم دولة مارقة على القوانين الدولية، فهي مارست الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وقد أقرت المحاكم الدولية بذلك، كما أن المحكمة الجنائية الدولية جرّمت رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وعددًا من النخب السياسية والعسكرية في حكومته.
ولذا، فنحن أمام دولة خارجة عن القانون الدولي والإنساني، تحكمها نخب متطرفة لا تعترف بالشرعية الدولية ولا بالاتفاقيات التي وقّعتها.

من الناحية القانونية، نعم، هناك خرق كبير لهذا الاتفاق الموقّع برعاية دولية، ويحق لجمهورية مصر العربية، وللشركاء الآخرين من الوسطاء، مثل قطر وتركيا، أن يفسّروا بنود الاتفاق ويقربوا وجهات النظر، فهذا هو دورهم الأساسي كضامنين ومشرفين على تنفيذ الاتفاق بشكل سليم، إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية.

ما حدث هو خروج سياسي أولًا، وقانوني ثانيًا، عن نصوص الاتفاق، حيث تحتكر حكومة نتنياهو لنفسها حق تفسير بنود الاتفاق كما تشاء، وهو أمر لا يحق لها قانونًا ولا سياسيًا.
فلا يجوز لحكومة نتنياهو أن تفسّر النصوص وفق رغبتها أو مصالحها الضيقة، بمعزل عن التوافقات التي جرت في شرم الشيخ، ودون الرجوع إلى الرعاة والضامنين الدوليين لهذا الاتفاق.

فهناك جمهورية مصر العربية، ومعها مجموعة الدول الثمانية العربية والإسلامية التي تعمل على ضمان تنفيذ الاتفاق، وفوق كل ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب، صاحب الخطة والرؤية التي انبثق عنها اتفاق شرم الشيخ.

أما إسرائيل، فتحاول اليوم أن تنفرد بتفسير نصوص الاتفاق بما يخدم مصالحها الخاصة ومصالح الائتلاف الحاكم في تل أبيب، وليس مصالح الدولة الإسرائيلية بمعناها العام، فمصلحة إسرائيل –من المفترض– أن تكون مرتبطة بضمان أمنها ووجودها في بيئة راغبة في السلام، وتعمل على إقامة علاقات مستقرة مع محيطها.
لكن ما يسعى إليه نتنياهو هو خلق بيئة دائمة للحرب والصراع، لأنها تخدم توجهات اليمين المتطرف الحاكم، وتخدم مصلحة النخبة اليمينية المتشددة بزعامة نتنياهو وشركائه، وعلى رأسهم بن غفير.

**هل يشكل هذا الفعل خرقاً للقانون الدولي أو لاتفاقيات الأمم المتحدة التي تضمن استمرار الالتزامات التعاقدية بين الدول؟

-بكل تأكيد هو خرق للقانون الدولي، فإسرائيل دولة مارقة بقيادة هذه الطبقة الحاكمة من اليمين المتطرف في تل أبيب، وهي دولة خارجة على القانون، وهذا الاختراق وهذا الخروج على الاتفاق الذي حضره، إضافة إلى كل الرؤساء والقادة الذين حضروه، الأمين العام للأمم المتحدة، هو اتفاق اتخذ هذه الصفة الدولية الملزِمة لكل أطرافه المتعاقدة.

لذلك فإن الخروج على هذا الاتفاق هو خروج على القانون الدولي، وهو خروج على كل القوانين الدولية. وكما قلنا، فإن هذه الدولة، بهذه القيادة اليمينية المتطرفة، هي خارجة على هذه القوانين بممارساتها، سواء بممارستها للإبادة ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، أو باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما صدر بشأنه قرارات دولية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك عن المحاكم الدولية، وفقاً للفتوى التي طلبت من الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية، والتي أقرت أن هذا خرق كامل للقوانين الدولية.

ولذلك فإن إسرائيل الآن، هي متحدية لقوانين، والاعراف الدولية.

**ما انعكاسات هذه الخطوة على العلاقات المصرية الإسرائيلية، خاصة في ظل الدور المصري كوسيط رئيسي في التهدئة بغزة؟

-أعتقد أن جمهورية مصر العربية، والرئيس عبدالفتاح السيسي، لن يقفا مكتوفي الأيدي أمام هذه الخطوة الإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق باتفاق تم توقيعه بناءً على الوساطة التي قادها الرئيس عبدالفتاح السيسي وجمهورية مصر العربية بشكل أساسي ومركزي.

كما أن هذا المؤتمر الدولي الكبير الذي شهده العالم كله كان بمثابة شهادة دولية على هذا الاتفاق، ولذلك أعتقد أن تنكّر الاحتلال الإسرائيلي لأي بند من بنود هذا الاتفاق سوف يضع العلاقات المصرية الإسرائيلية في مأزق كبير، إذ لن تستطيع جمهورية مصر العربية الوقوف مكتوفة الأيدي أمام هذه الانتهاكات الخطيرة لهذا الاتفاق الذي جرى في حاضرة الجمهورية، وفي حاضرة الرئيس السيسي، وعلى الأراضي المصرية.

لذلك أعتقد أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة نتنياهو ستعيد التفكير مرة بعد أخرى حول هذه الخروقات، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية لن تتسامح في هذه المسألة مع حكومة نتنياهو.

وأعتقد أن هناك ضغوطاً أمريكية بهذا الاتجاه حتى لا تتفاقم الأمور أكثر فأكثر، وخاصة في ظل الدور المصري البارز في إنضاج هذا الاتفاق. فليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، ولا من مصلحة المنطقة عموماً، أن تُوضع جمهورية مصر العربية في هذا الحرج الدبلوماسي الكبير الذي تتسبب به حكومة نتنياهو من خلال هذه الخروقات المتكررة للاتفاق.

ذلك لأن جمهورية مصر العربية لن تقف مكتوفة الأيدي، وسيكون هناك تداعيات كبيرة، وأعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك ذلك تماماً، ولهذا تمارس ضغوطاً كبيرة على نتنياهو للعودة إلى بنود الاتفاق وتنفيذ ما جاء في اتفاق وقف إطلاق النار.

**هل يمكن أن يؤدي نقض نتنياهو للاتفاق إلى تصعيد ميداني جديد في الضفة أو غزة؟

-لا أريد أن أذهب إلى هذه الزاوية في هذه المرحلة تحديدًا، وأعتقد أن الضغوطات التي تمارسها جمهورية مصر العربية، ومعها مجموعة الدول الثماني العربية والإسلامية، إضافة إلى الوسطاء تركيا وقطر، وأيضًا الولايات المتحدة الأمريكية، سوف تُثني حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو عن هذا التنصل مما جاء في الاتفاق.

أعتقد أن الضغوط الدبلوماسية من كل هذه الأطراف سوف تضع حكومة نتنياهو في مأزق، في مأزق على المستوى الدولي وعلى الساحة الدولية. هذه الخروقات لاتفاقية اتخذت طابعًا دوليًا وأصبحت بمصاف الاتفاقات الدولية لما حظيت به من اهتمام على المستوى الدولي، ورعاية كبيرة، وحضور الرئيس ترامب للتوقيع على هذا الاتفاق ورعايته، وحضور الرئيس السيسي، إضافة إلى حضور الأمين العام للأمم المتحدة.

أعتقد أن موقف إسرائيل ضعيف إلى أبعد مدى في ظل هذه القرارات التي تتخذها مجموعة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو. لذلك، لا أعتقد أن الأمور ستذهب بهذا الاتجاه. أعتقد أن هذه الحكومة سوف تتراجع رويدًا رويدًا عن مواقفها المتطرفة تجاه الاتفاق، وأعتقد أن الحكومة في النهاية سوف تنصاع لكل هذه الضغوط، سواء كانت ضغوطًا مصرية أو أمريكية أو دولية.

**برأيك، كيف ستتعامل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع هذا التطور؟ وهل سيكتفيان ببيانات الإدانة المعتادة أم هناك تحرك فعلي متوقع؟

-أعتقد أنه سيكون هناك تحرك فعلي على أرض الواقع، فالولايات المتحدة الأمريكية، والرئيس ترامب، تحدث مع نتنياهو عبر الهاتف، وأرسل إليه أيضًا كبار المسؤولين الأمريكيين لوضع حد لهذا الخروج من طرف نتنياهو وشركائه المتطرفين على الاتفاق.

أيضًا الاتحاد الأوروبي لديه مواقف متقدمة في هذا الاتجاه، وهناك قرارات قبل الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار بفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي. لذلك لا أعتقد أن الأمور ستتوقف عند الإدانة المعتادة، بل سيكون هناك تحرك فعلي، وستكون هناك وفود وضغوطات كبيرة، وإجراءات على أرض الواقع من عقوبات أو غيرها من الاتحاد الأوروبي ومن الدول العربية والإسلامية الراعية لهذا الاتفاق بقيادة جمهورية مصر العربية.

كذلك سيكون هناك تحرك مهم إذا ما استمرت الأمور بهذا الاتجاه من طرف حكومة الاحتلال، سيكون هناك تحرك مهم من مجموعة نيويورك، إذا جاز التعبير، وهي المجموعة الدولية التي اجتمعت في مؤتمر نيويورك الثاني المخصص لحل الدولتين.

أعتقد أن الساحة الدولية على امتدادها — الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكل العالم — لن تسمح لإسرائيل بالرجوع بالزمن إلى الوراء لما قبل هذا الاتفاق. العالم أجمع، والرأي العام الدولي، لن يسمحا بعودة الإبادة إلى قطاع غزة أو بعودة الحرب عليه، ولن يسمحا بمحاولات هذه الحكومة للوصول إلى تهجير الشعب الفلسطيني.

**كيف ترى تأثير هذا النقض على الشارع الفلسطيني؟ هل يعزز خيار المقاومة المسلحة على حساب المسار السياسي؟

-تنكّر الاحتلال الإسرائيلي لهذا الاتفاق كما تنكره لاتفاقياتٍ سابقة وُقِّعت معه على مدار العقود الماضية، خصوصًا من قبل الحكومات اليمينية المتطرفة، وعلى رأسها حكومات نتنياهو، الذي لا يقتنع إطلاقًا بحق الشعب الفلسطيني — لا في تقرير مصيره ولا في استمراره على أرضه التاريخية فلسطين.

سيولد هذا التنكّر جوًّا عاما من الإحباط لدى الشارع الفلسطيني نتيجة هذا الخروج والتنصّل من قبل الاحتلال من الاتفاقيات.
لكنّي لا أعتقد أن هذا يرسّخ خيار المقاومة المسلحة على حساب المسار السياسي، وذلك لأسباب عديدة لا يسع هذا اللقاء لشرحها كلها، لكن أود الإشارة إلى بعضها:

أولًا، اقتنع الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة التاريخية — على الأقل — أن حقه لا يسقط وأنه يملك كل أدوات النضال للوصول إلى حقه المشروع في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. لكن في هذه الفترة بالذات، الشعب الفلسطيني يبحث عن الأدوات المناسبة لنضاله التي تعزّز مكاسبه وتقلّل خسائره، والمقاومة المسلحة ليست من هذه الأدوات في الظرف التاريخي الحالي، ولا تخدم مصالح القضية الفلسطينية أو بيئتها الإقليمية الآن.

ثانيًا، ثمة إجماع فلسطيني متزايد على استخدام أدوات المقاومة اللاعنفية والمقاومة الشعبية، مع التركيز على مسألتين أساسيتين داخليًّا: تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه واستمرار وجوده هناك، وهما من أهم المكاسب السياسية الممكن تحقيقها الآن.

ثالثًا، الخيار الدولي لا يزال محوريًا: الاشتباك الدبلوماسي الدولي الذي تقوده القيادة الفلسطينية على الساحة العالمية، إضافةً إلى الدبلوماسية الشعبية التي يتجند لها الشعب الفلسطيني بمساندة الأشقاء العرب، يقدّمان أداة فعّالة لتقويض سياسات الاحتلال ورفع تكلفة انتهاكاته.

لذلك أرى أن الخيارات الفلسطينية تميل في هذه المرحلة إلى تعزيز الصمود الشعبي والدبلوماسي بدلاً من الانزلاق إلى خيار المقاومة المسلحة. هذا التوجه تدعمه القيادة السياسية الفلسطينية ومنظمة التحرير، كما يواكبه المزاج الشعبي الذي أدرك فداحة الثمن الذي دُفع بعد تطورات السابع من أكتوبر وما ترتّب عليه من إعادة تقييم لخيار المقاومة المسلحة، وأعتقد أن الشعب الفلسطيني وقيادته ليسوا موحدين في اختيار واحد فقط؛ لكن الاتجاه العام يميل نحو استراتيجيات متعددة توازِن بين الصمود على الأرض والاشتباك الدبلوماسي والشعبي، مع تجنّب الخيارات التي قد تكبّد القضية الفلسطينية خسائر أكبر في هذه المرحلة.

**في ظل الانقسام الداخلي، هل السلطة الفلسطينية قادرة على توظيف هذا الحدث لتوحيد الصف الوطني؟

القيادة الفلسطينية ـ ممثلة بحركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية ـ وعلى مدار السنوات الطويلة الماضية، وخصوصًا خلال عامي الإبادة الأخيرين، كانت تسعى دومًا إلى البحث عن القواسم المشتركة مع جميع القوى الفلسطينية، وبالأخص مع الإخوة العاملين في إطار الحركة الوطنية خارج منظمة التحرير، من أجل توحيد الصف الفلسطيني وتوحيد القرار الوطني.

الهدف كان وما زال أن يكون القرار الوطني الفلسطيني قرارًا مستقلاً، بعيدًا عن تدخلات المحاور الإقليمية، وبمنأى عن التحالفات التي تتناقض مع المصالح الوطنية الفلسطينية، بل وتتناقض مع المشروع القومي العربي في المنطقة.

ومن هنا، فإن الصعوبات والتحديات الراهنة ينبغي أن تكون دافعًا لتوحيد الموقف الفلسطيني أكثر فأكثر. فهناك مظلة جامعة تمثل الكل الفلسطيني، وهي منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمعترف بها عربيًا ودوليًا، بما في ذلك جامعة الدول العربية.

وتحت مظلة منظمة التحرير، وبالاستناد إلى التزاماتها الوطنية والسياسية، يمكن التوجه نحو تحقيق الهدف الأساس المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

إن تنكّر الاحتلال الإسرائيلي للاتفاقيات، ومحاولاته المستمرة لمواصلة الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، يجب أن يشكّلا دافعًا مركزيًا لكل القوى الفلسطينية للعمل على إنهاء الانقسام، وتوحيد الصف والقرار الوطني الفلسطيني في مواجهة هذا العدوان المستمر.

**ما هو موقف الفصائل الفلسطينية من هذه الخطوة؟ وهل يمكن أن تشكل نقطة التقاء جديدة بين التيارات المختلفة؟

-الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة "فتح"، كانت دائمًا السباقة والمبادِرة إلى رأب الصدع الداخلي الفلسطيني، والسعي إلى فتح آفاق جديدة لوحدة الموقف الوطني الفلسطيني. وغالبية الفصائل الفلسطينية تشارك حركة "فتح" هذا التوجه الوحدوي، إدراكًا منها لحساسية المرحلة وخطورة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية.

إن الصعوبات الراهنة، وما يتعرض له المشروع الوطني من خذلان، خصوصًا نتيجة بعض القرارات التي اتُّخذت في قطاع غزة والتي أدت إلى ارتهان القرار الفلسطيني لمحاور إقليمية متناقضة مع المصلحة الوطنية، يجب أن تدفع الجميع إلى إعادة النظر في الأولويات، والعودة إلى المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وإلى المشروع الوطني والقومي العربي الذي يتعارض جوهريًا مع تلك التحالفات الإقليمية الضيقة.

من هنا، أعتقد أن الفصائل الفلسطينية، وفي طليعتها حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تؤمن بضرورة إنهاء الانقسام اليوم قبل الغد. بل إن العمل بهذا الاتجاه مستمر منذ سنوات، لأن وحدة الصف والموقف تمثل حجر الزاوية في مواجهة الاحتلال وتحديات المرحلة.

إن ما تواجهه القضية الفلسطينية اليوم يجب أن يكون دافعًا حقيقيًا أمام جميع الفصائل، وخاصة تلك الموجودة خارج إطار منظمة التحرير، للانخراط ضمن الموقف الفلسطيني الموحّد، والالتزام بـ القرار الوطني الفلسطيني المستقل، البعيد عن التجاذبات والمحاور الإقليمية التي ألحقت أضرارًا فادحة بالقضية الفلسطينية ومكانتها العربية والدولية.

**هل يعتبر  محاولة نتنياهو نقض اتفاق شرم الشيخ مؤشرًا على نهاية حل الدولتين؟

-حل الدولتين ليس فقط خيارًا فلسطينيًا، بل هو أيضًا خيار عربي ودولي يحظى بإجماع واسع. فالمجتمع الدولي، ومعظم القوى الإقليمية والدولية، ما زالت تعتبر حل الدولتين الإطار الأنسب لإنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل. حتى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي استند إليها اتفاق شرم الشيخ، نصّت في المادة رقم 19 منها على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

بالتالي، هناك إجماع دولي، بل وحتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، توجد قطاعات واسعة تؤيد مبدأ حل الدولتين، إذا ما استبعدنا الطغمة الحاكمة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو وشركائه مثل سموتريتش، وهم من أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ إسرائيل.

من وجهة نظري، فإن تنكر حكومة نتنياهو لاتفاق شرم الشيخ قد يُشكّل مؤشرًا، ليس على نهاية حل الدولتين، وإنما على اقتراب نهاية عهد نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة. فاستطلاعات الرأي الأخيرة داخل إسرائيل تشير إلى تراجع كبير في شعبية الائتلاف الحاكم، وإلى ضعف احتمالات عودته إلى السلطة في حال جرت انتخابات مبكرة خلال العام المقبل. حتى داخل المجتمع الإسرائيلي، أصبح هناك استياء متزايد من سياسات التطرف والعزلة التي تمارسها هذه الحكومة.

لذلك، لا أرى أن نقض الاتفاق يعني نهاية حل الدولتين، بل هو انعكاس لأزمة داخلية إسرائيلية أكثر منه تحولًا في الموقف الدولي. فحل الدولتين ما زال قرارًا دوليًا راسخًا، تؤكد عليه القرارات الأممية وجامعة الدول العربية، ويحظى بدعم واسع من معظم دول العالم. وبالتالي، لا تزال هناك فرص حقيقية وقوية لإحياء هذا الحل كخيار استراتيجي لإنهاء الصراع.

**ما السيناريوهات المتوقعة في المرحلة القادمة؟ هل يتجه نتنياهو لفرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية؟

-أعتقد أن نتنياهو لم تعد يديه مطلقتين كما كانت سابقًا. هناك قيود أمريكية كبيرة على تحركاته في هذه المرحلة، وهناك أيضًا زخم عربي ودولي ملحوظ. فهناك جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الأشقاء الآخرين من الدول العربية، وكذلك الفاعلون الإسلاميون مثل تركيا وباكستان وإندونيسيا ودول أخرى التي بدأت تتحرك بكثافة.

هناك أيضًا تحركات دولية مؤثرة على الساحة: مجموعة نيويورك برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والقرارات الصادرة مؤخرًا عن الاتحاد الأوروبي تجاه حكومة الاحتلال، إضافةً إلى القرارات والإجراءات المتصلة بالمحاكم الدولية. كل هذا، إلى جانب النشاط الدبلوماسي المكثف لجمهورية مصر العربية وغيرها من الشركاء، خلق وقائع جديدة على الأرض لم يعد بإمكان نتنياهو تجاوزها بسهولة.

فيما يتعلق بالضفة الغربية تحديدًا، فقد أعلن نتنياهو صراحة أمام العالم أنه لن يكون هناك ضمٌ شامل أو فرض سيادة كاملة على الضفة، وأنه سيفتح آفاقًا لحل الدولتين بشكل أو بآخر، وفي إطار مبادرة ترامب للسلام التي نصت مادتها رقم 19 صراحةً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته.

لذلك، رغم أن نتنياهو قد يتمنى ويسعى لفرض أمر واقع جديد في الضفة الغربية، أعتقد أن القيادة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، وجمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، والأشقاء والأصدقاء على المستوى الدولي سيكونون بالمرصاد. ولن يسمحوا له بتنفيذ مخططاته في الضفة الغربية كما لم يسمحوا له بما حاول تنفيذه في قطاع غزة.

**ما رسالتك للمجتمع الدولي بعد أن تنصلت إسرائيل مجددًا من التزاماتها؟ وهل ما زال هناك مجال للحديث عن سلام عادل في ظل هذه السياسات؟

-هذه حكومة متغيرة تحكم اليوم، لكنني أعتقد أنها ستختفي قريبًا من المشهدين السياسي الإسرائيلي والإقليمي الدولي. لا يمكن الحكم على المسيرة السلمية من خلال أداء حكومة نتنياهو وتحالفه مع اليمين المتطرف فقط، فهذه القضايا تُقاس بميزان المصالح المتبادلة بين جميع الأطراف.

لا تزال هناك مصلحة عربية وفلسطينية مشتركة في استمرار المسار السلمي، بشرط أن يُفضي إلى عدالة حقيقية للشعب الفلسطيني، وإلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

على المجتمع الدولي أن يقف سدًّا منيعًا أمام هذه الحكومة المتطرفة، وأن يلجم تصرفاتها، ويضع حدًا لانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني وبحق الاستقرار في المنطقة ككل. كما يجب على المجتمع الدولي أن يسعى جديًا لتنفيذ قراراته التي اتخذها بخصوص القضية الفلسطينية، وصولًا إلى العدالة الدولية المنشودة عبر منح الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

استطلاع راى

هل تعتقد أن القمة العربية ستنجح في تحقيق تضامن عربي حقيقي في القضايا الإقليمية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5540 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image