جماعة الإخوان الإرهابية في ألمانيا.. اختراق صامت يهدد البنية المدنية

تتصاعد التحذيرات في ألمانيا من تمدد جماعة الإخوان المسلمين داخل المجتمع، وسط مؤشرات متزايدة على تشكّل شبكة معقدة من الجمعيات والمراكز الإسلامية التي تعمل ظاهريًا تحت عناوين الاندماج الثقافي والخدمة المجتمعية، فيما تخفي في جوهرها مشروعًا سياسيًا متدرجًا لاختراق الدولة من الداخل.

وخلال الأيام الماضية، شهدت العاصمة برلين تحركات أمنية مكثفة عقب قرار حظر جمعية "مسلم إنتركتيف"، التي وُصفت بأنها من أبرز واجهات الفكر الإسلاموي الجديد، وكشفت التحقيقات عن استخدامها منصات التواصل الاجتماعي لاستقطاب الشباب وبث أفكار متطرفة تتقاطع مع خطاب الإخوان في أوروبا. غير أن هذا القرار، كما يؤكد التقرير، لا يتجاوز كونه خطوة رمزية أمام شبكة أوسع تنتشر عبر عشرات الجمعيات والمراكز ذات الروابط التنظيمية والفكرية المشتركة.

وتضم خريطة التنظيمات النشطة في ألمانيا كيانات بارزة مثل المجلس المركزي للمسلمين ورابطة المجتمعات الإسلامية، إلى جانب منظمات أصغر تتلقى دعمًا ماليًا غير مباشر من مؤسسات قطرية وتركية. وتعمل هذه الكيانات بخطاب ناعم ومصطلحات مدنية، لكنها في الحقيقة تشكل بنية تمكين إخوانية متكاملة تُعيد إنتاج الولاء التنظيمي عبر قنوات تعليمية واجتماعية مموّهة.

ويرى خبراء، أن الخطر لم يعد ذا طابع ديني فقط، بل هيكلي ومدني، إذ تسعى الجماعة إلى بناء مجتمع موازٍ داخل ألمانيا، يقوم على الولاء العقائدي بدل الاندماج الوطني. فكل واجهة تُغلق تُستبدل بأخرى تحمل اسمًا جديدًا وشعارًا مختلفًا، لكنها تواصل النهج ذاته، مما يجعل المواجهة القانونية أكثر تعقيدًا ويبرز قدرة الإخوان على المراوغة والتكيّف في بيئة ديمقراطية مفتوحة.

ويحذر التقرير من أن تمدد الإخوان في ألمانيا يمثل خطرًا مزدوجًا، يجمع بين استغلال الحريات الليبرالية لتحقيق أهداف غير ديمقراطية، وبين توظيف الدين كأداة لتفكيك الهوية المدنية. ومع اتساع رقعة هذه الشبكات، تبدو برلين اليوم أمام اختبار حاسم: إما الدفاع عن قيم الانفتاح، أو السماح بتكرار تجربة “التمكين الصامت” التي مهدت سابقًا لاختراق الجماعة لدول أوروبية أخرى.