الجمعة 7 نوفمبر 2025 | 03:19 م

«أنا حفيد توت عنخ آمون».. حكاية البني سويفي الذي طالب بلقب "صاحب السمو الفرعوني"!


في خريف عام 1932، كانت الصحافة المصرية تغلي بقصة أغرب من الخيال، قصة مزجت بين جنون المجد الفرعوني وشهوة الشهرة في زمن كانت فيه الأسطورة تسبق الخبر.

بطل الحكاية رجل من بني سويف يُدعى إثناسيوس بقطر، خرج على الدنيا معلنًا أنه الوريث الشرعي للملك توت عنخ آمون، آخر فراعنة المجد الذهبي، وأن دماء الأجداد الملوكية تجري في عروقه دون سواه.

وكما روى الحكاية الكاتب طاهر عبد الرحمن، فإن الرجل كتب رسائل رسمية إلى الوزارات والقصور، طالب فيها بأن تعود إليه "أملاك جده الراحل"، وأن يُمنح لقبًا يليق بمقامه الجديد: "صاحب السمو الفرعوني"، مع الإذن له بالإقامة في أي معبد من معابد أجداده، ليحيي فيه طقوسهم وشعائرهم القديمة كما كان يفعل الكهنة في العصور الغابرة.

لكن حين تجاهله الجميع، قرر أن يسير على خطى المهاتما غاندي، وأعلن صومه عن الطعام حتى تُلبى مطالبه وهي الأملاك واللقب.

كان مشهدًا عبثيًا يثير الدهشة والابتسام في آن واحد، فكيف لرجل من مدينة الواسطى أن يطالب بإرث الملك الذهبي، ويُنادَى بسموّ فرعوني؟!

غير أن "صاحب السمو الفرعوني البني سويفي" لم يكن وحده في هذا الجنون الجميل، فبعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون المذهلة وما حوته من كنوزٍ أبهرت العالم، توالت على الصحف والمتحف البريطاني خطابات من رجال ونساء في أنحاء العالم يدّعون القربى بالملك الشاب.

في عدد من مجلة الدنيا المصوّرة بتاريخ 26 أكتوبر 1932، نُشر خطابٌ غريب أرسله رجل إنجليزي يُدعى چ. ل. ستيوارت من بلفاست، يقول فيه بثقة: "أقرر لكم أنني الوريث الوحيد للملك المصري الشاب توت عنخ آمون، وبناءً على حقي الأكيد في ذلك الميراث، أرجو أن تحفظوا ما تحت أيديكم لحين حضوري لتسلّمه بعد إثبات نسبي للملك."

ولم تتوقف الرسائل عند هذا الحد، فبعد أيام وصلت رسالة أخرى إلى مدير المتحف البريطاني من سيدة غامضة لم تذكر اسمها، قالت فيها إنها زوجة الملك توت عنخ آمون بتناسخ الأرواح. كتبت تقول: "أشعر أنني غريبة عن هذا العصر، كأنني كنت أعيش بين الخدم والجواري والعبيد، وما إن رأيت صورة الملك حتى تذكرت أنني كنت زوجته، وأنه طالما داعبني وناداني بمعبودتي."

هكذا كانت مصر والعالم في ثلاثينيات القرن الماضي يعيشون نشوة اكتشاف المقبرة الملكية، حيث امتزج التاريخ بالأسطورة، والخيال بالهوس، حتى صار كل من حلم بالمجد القديم يراه في دمه أو في ذاكرته الغامضة.

وبينما طوى الزمن صفحة “السمو الفرعوني البني سويفي”، بقيت قصته شاهدًا على كيف تصنع الحضارة العظيمة جنونًا يليق بعظمتها، وكيف يبقى توت عنخ آمون، حتى بعد آلاف السنين قادراً على بعث الهوس في الأرواح التي تبحث عن وهجٍ مفقود من المجد القديم.

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image