«تخاريف السادات الصغير».. من الدفاع عن الإخوان إلى نصيحة لا يستحقها الوطن
في مشهدٍ أثار الدهشة والاستهجان في الأوساط السياسية والإعلامية، خرج محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، وابن شقيق الرئيس الراحل بطل الحرب والسلام، بتصريحاتٍ غريبة حملت في طيّاتها تلميحات تبريرية لجماعة الإخوان الإرهابية، ونصائح مريبة للرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم الترشح لفترة رئاسية رابعة.
تصريحات السادات الصغير لم تكن مجرد رأي سياسي عابر، بل بدت كأنها رسالة مُعدة بعناية لتُبثّ في توقيت بالغ الحساسية، حيث تستعد الدولة المصرية لجولة جديدة من البناء والإصلاح الاقتصادي، فيما تحاول أبواق الخارج بث الشكّ في الداخل.
بين الاسم والتاريخ.. مقارنة موجعة
يحمل محمد أنور السادات اسمًا كبيرًا أثقل من قدرته على التوازن السياسي، فهو ابن شقيق الزعيم الذي واجه التطرف والإرهاب ووقف شامخًا أمام جماعات العنف الديني، ليُغتال في النهاية برصاصهم يوم السادس من أكتوبر 1981، لكنّ المفارقة المؤلمة أن الوارث للاسم اختار أن يُغازل قتلة العم، لا أن يحمل رسالته.
تصريحات ملغومة.. و«توقيت لا يبعث على البراءة»
التصريح الذي قال فيه السادات إن «الإخوان كسبوا قلوب الناس، وعلى السيسي ألا يترشح لفترة رابعة»، جاء بعد أيام من محاولات إعلامية خارجية لإعادة تدوير الجماعة في المشهد المصري، وكأنّ الرجل ينفخ في الرماد لإحياء نارٍ انطفأت.
تصريحات السادات ليست سوى ورقة ضغط يستخدمها بين الحين والآخر لضمان مساحة من الظهور الإعلامي، رغم علمه أن كل من يفتح بابًا للحديث عن الإخوان اليوم يشارك بوعي، أو دون وعي في خطة خارجية لتلميع الجماعة وتقديمها مجددًا كبديل سياسي.
بين المعارضة الوطنية واللعب بالنار
لم يكن أحد ينتظر من رئيس حزب صغير أن يُنظّر على الدولة، لكنّ الخطورة تكمن في أن السادات يوظف اسم عائلته كستار للحديث بلسان الجماعة، متناسيا دماء عمّه التي سالت على يد من يدافع عنهم، فحينما يتحدث السادات عن الإخوان وكأنهم ضحايا، فهو يسيء لتاريخ عمه قبل أن يسيء للدولة، فمن يريد المعارضة فليكن معارضًا بعقل، لا بلسان من باعوا الوطن.
خيوط تلتقي عند أعداء الدولة
يرى مراقبون أن تصريحات السادات تأتي متناغمة مع حملات إعلامية تنطلق من الخارج وتحديدا من إسطنبول ولندن، تستهدف التشكيك في استقرار الدولة وترويج خطاب "البديل السياسي".
اللافت أن تلك الحملات تُعيد نفس المفردات التي استخدمها السادات مثل "المصالحة"، "التهدئة"، "العودة"، و"عدم الترشح"، وكأن الرجل يقرأ من نفس الورقة.
تحليل زمني للتصريحات السابقة يوضح أن كل ظهور إعلامي للسادات يأتي متزامنًا مع حدث وطني كبير: انتخابات، مؤتمر اقتصادي، أو قرار إصلاحي شجاع.
في كل مرة يظهر الرجل ليبثّ شكوكًا أو يشكّك في المستقبل، في ما يشبه الدور المرسوم بعناية لزعزعة الثقة في المسار السياسي.
تكرار النغمة.. وغياب الفعل
منذ سنوات، لم يقدم السادات مشروعًا تشريعيًا واحدًا يخصّ المواطنين، ولم يُعرف له موقف واضح من الإرهاب أو من قضايا الأمن القومي، لكنه، في المقابل، يُجيد الظهور عند المنعطفات، حاملاً شعارات "الحرية" و"الحوار"، بينما يتجاهل حقائق التاريخ الدامية التي كشفت وجه جماعة الإخوان وسجلها الطويل في التحريض والعنف.
المصريون لا يُخدعون بالأسماء
قد يملك محمد أنور السادات الاسم، لكنّه لا يملك الموقف، فالشعب المصري الذي حفظ تاريخ عمه عن ظهر قلب، يدرك جيدًا أن الزعماء لا يُورّثون، وأن المواقف لا تُشترى باللقب، فأنور السادات الذي قاد مصر من الحرب إلى السلام لم يكن ليبتسم لمن رفع السلاح عليه، ولم يكن ليُساوم على دماء جنوده وشعبه.
ربما أراد محمد أنور السادات أن يثير الجدل، فنجح، لكنّه أثار أيضًا غضب جيل كامل يرى في تصريحاته مساسًا بإرث رجلٍ استشهد وهو يقف على منصة النصر، والتاريخ، كما يقولون، لا يرحم من يتاجر بالأسماء الكبيرة.
لم تكن تصريحات السادات الصغير تصريحات عابرة، بل تخاريف سياسية مكتملة الأركان، تعكس مأزق البعض الذين فقدوا البوصلة بين معارضة وطنية مسؤولة وبين تلميع عدوٍ لفظه الشعب إلى الأبد.





