دراسة لمعهد واشنطن: تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية يبدأ بـ«شبكات التمويل» لا التنظيم الأم
أصدر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى دراسة موسعة للباحثين مايكل جيكوبسون وماثيو ليفيت، تناولت الحراك التشريعي المتصاعد داخل الكونجرس الأمريكي لدفع الإدارة الحالية نحو تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، معتبرة أن «النهج الشامل» لحظر الجماعة بالكامل غير عملي، وأن الخطوة الأكثر فاعلية تكمن في استهداف شبكات التمويل والفروع المتورطة في العنف.
تشير الدراسة إلى أنه في يونيو الماضي أعاد المشرّعون في مجلسي النواب والشيوخ طرح مقترحات تلزم الإدارة الأمريكية بتصنيف الجماعة، في تطور يحيي مساعي إدارة ترامب الأولى التي وضعت هذا الملف على جدول أولوياتها. وتؤكد الدراسة أن الزخم القانوني الحالي هو الأقوى منذ سنوات، مع وجود مشاريع قوانين واضحة المعالم تطالب وزارة الخارجية باتخاذ هذه الخطوة.
لكن الدراسة تبرز العقبات التي تمنع صدور قرار شامل، وأبرزها اشتراط القانون الأمريكي تقديم «ملف مُحكم» أمام القضاء لإثبات صلة الجماعة بالنشاط الإرهابي عالميًا، وهو ما وصفه وزير الخارجية الأمريكي في أغسطس الماضي بأنه «تحدٍ قانوني كبير» رغم اعترافه بأن الإخوان «مصدر قلق بالغ».
ترجّح الدراسة أن الإدارة الأمريكية تميل إلى استخدام الأدوات القانونية القائمة بالفعل على قوائم الإرهاب، بدلًا من إصدار أمر تنفيذي جديد يستهدف التنظيم الأم. وتوصي بتصنيف الكيانات المرتبطة بالإخوان والتي ثبت دعمها المادي لكيانات إرهابية محددة، وفي مقدمتها حركة حماس.
وتعيد الدراسة التذكير بتقرير الحكومة البريطانية عام 2015 الذي اتهم الإخوان بـ«الدعم الواعي والعلني للإرهاب»، معتبرة أن تجاهل هذه الشبكات بات «فجوة أمنية» في المقاربة الأمريكية.
ترصد الدراسة تاريخًا طويلًا من العمليات المالية التي ربطت بين الإخوان وحركة حماس منذ تأسيس الأخيرة عام 1988، حين اعتبر ميثاقها أنها «الفرع الفلسطيني للإخوان». وتشير إلى أن الجماعة فعّلت عالميًا سلسلة من «لجان فلسطين» لدعم حماس في الخارج، كان أبرزها في الولايات المتحدة.
وتقدّم الدراسة مثالًا محوريًا هو «مؤسسة الأرض المقدسة» التي أسسها مسؤول في لجنة فلسطين التابعة للإخوان عام 1988 في أمريكا لتوجيه التبرعات لصالح حماس، قبل أن تُدرجها وزارة الخزانة على لوائح الإرهاب عام 2001، ويصدر حكم قضائي بإدانة قادتها في 2008، ثم تأكيد الحكم استئنافًا في 2011.
كما تتناول الدراسة شبكة «ائتلاف الخير» التي أنشأها قادة حماس عام 2000 لتنسيق عمليات الدعم حول العالم بقيادة يوسف القرضاوي. وقد صنفت وزارة الخزانة الأمريكية الائتلاف وعددًا من مؤسساته، مؤكدة أنه «يرفع تقاريره مباشرة إلى الجناح العسكري لحماس».
وتوثّق الدراسة ارتباطات مشابهة في أوروبا، حيث حظرت ألمانيا أحد فروع «منظمة الإغاثة الإنسانية» لتمويلها حماس، وصنّفت إسرائيل المنظمة باعتبارها «قريبة من الإخوان». وتشير أيضًا إلى قرار وزارة الخزانة في يونيو 2025 بتصنيف «مؤسسات خيرية وهمية» مترابطة مع الإخوان في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا لدعمها حماس ماليًا.
إلى جانب التمويل، تؤكد الدراسة أن بعض فروع الإخوان باتت مؤهلة للتصنيف المباشر كمنظمات إرهابية أجنبية نتيجة تورطها في عمليات عنف. وتستشهد بفرع الإخوان في الأردن الذي حُلّ بعد اتهامات بالتخطيط لهجوم إرهابي، والجماعة الإسلامية في لبنان وجناحها المسلح «قوات الفجر» التي نفذت ضربات صاروخية بالتنسيق مع حزب الله وتعاونت ميدانيًا مع حماس.
وتشدّد الدراسة على أن إدراج فروع الإخوان المتورطة في العنف سيرسل «رسالة ردع» لبقية الأفرع التي تتجنب العنف خشية العواقب القانونية.
وتشير أيضًا إلى التجربة الأمريكية السابقة في تصنيف مجموعات منشقة مثل «لواء الثورة» و«حركة سواعد مصر» (حسم) خلال الفترة 2015–2017، باعتبارها «نهجًا مركزًا وفعّالًا» ينبغي البناء عليه.
تخلص دراسة معهد واشنطن إلى أن الأدلة المتوفرة تُثبت وجود صلة خطيرة بين شبكات الإخوان العالمية وتمويل الإرهاب، خصوصًا دعم حركة حماس. لكنها تحذر من أن تصنيف التنظيم الأم بالكامل «خطوة غير عملية وغير قابلة للصمود قانونيًا»، داعية الإدارة الأمريكية إلى اعتماد منهجية تقوم على استهداف شبكات التمويل المرتبطة بائتلاف الخير واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والمؤتمر الشعبي للفلسطينيين في الخارج، وتصنيف الفروع المتورطة في العنف كمنظمات إرهابية أجنبية، وتعزيز أدوات العقوبات والملاحقة الجنائية لتضييق الخناق على المؤسسات المرتبطة بالجماعة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وتؤكد الدراسة أن التحرك الأمريكي الأحادي قد لا يكون كافيًا، لكنه قد يحفّز دولًا أوروبية على اتخاذ خطوات مماثلة إذا استند إلى «أدلة دامغة وسياق قانوني محكم.




