الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 | 10:10 م

حسام السويفي يكتب: مخططات العار.. سقوط ماكينة الشائعات الإخوانية أمام وعي المصريين في معركة الانتخابات


في كل موسم انتخابي تقف فيه الدولة على ساقيها لاستكمال مسارها الديمقراطي، ينهض من تحت الركام ذات الشبح المتهالك، جماعة الإخوان الإرهابية، أو ما تبقّى منها، يحاول الهروب من قبره السياسي بإلقاء حفنة شائعات ظنًا منه أن وطنًا بحجم مصر يمكن أن يهتز بكذبة أو مقطع مفبرك، لكن ما حدث هذه المرة لم يكن مجرد فشل، بل فضيحة سياسية كاملة الأركان.

الجماعة التي أرهقتها الهزائم، وتناقص عدد أنصارها حتى صاروا مجرد أصوات ضائعة في أزقة إسطنبول،  ولندن حاولت كعادتها أن تتحرش بأي استحقاق مصري، استماتت أن تلوّثه، أن تجرّ خلفها بقايا جمهور فقدت السيطرة عليه، وأن تستعيد حضورها الميت عبر ضرب ثقة الناس في الدولة وفي مؤسساتها، لكنها كعادتها في كل مرة سقطت صريعة جهلها بحجم وعي المصريين.

عادت ماكينة التحريض تدور من إسطنبول؛ حيث يجلس الإرهابي يحيى موسى، الهارب من العدالة في قضايا دم وقتل النائب العام، وتخطيط عنف، ومعه التكفيري محمد إلهامي الذي يتقمّص دور "المنظّر" بينما لا يجرؤ على العودة إلى بلده، ورضا فهكي رئيس المكتب السياسي لحركة ميدان الإرهابية، كلاهم تخيّل بغرور فارغ أن المصريين قد ينصتون لوجوه لم تعد تمثل إلا ذكرى قميئة من مشروع أسود لفظه الشعب كله.

أطلقوا الشائعة تلو الأخرى، كمن يقذف الرمل في البحر، حديث عن لجان فارغة، عن تزوير، عن صدامات في الشوارع، عن شراء أصوات، وهي ذات الأسطوانة البالية التي فاحت رائحتها من كثرة التكرار. لا جديد، لا معلومة، لا دليل، فقط رغبة مسعورة في تخريب مشهد انتخابي يثبت كل يوم أن الوطن أقوى من كل محاولاتهم.

وحين تنطلق الشائعة من إسطنبول، تنتظرها ثلاثة منابر معتادة: الشرق، مكملين، وطن، عبر ألسنة إرهابية مأجورة مثل محمد ناصر وأسامة حاويش، وهي قنوات حولتها الجماعة إلى أدوات لبث السموم، بينما يعرف كل مصري اليوم من أين تأتي تمويلاتها ومن يكتب نصوصها ومن يحدد زاوية تصويرها.

هذه الأبواق لم تعد تفاجئ أحدًا. صار الجمهور يتعامل معها مثل الكوميديا السوداء؛ يعلم تمامًا أنهم سيصرخون طوال اليوم بأن "البلد تنهار"، ثم يصمتون حين تظهر الحقيقة في مشاهد مباشرة من اللجان التي تزخر بالناخبين. 

صار المشاهد يعرف أن الصور التي يبثونها مفبركة، وأن القصاصات التي يعرضونها اقتُطعت عمدًا لتزييف الواقع، بعدما تأكد الشعب المصري العظيم بأن الجماعة الإرهابية أضحت لا وزن لهم، وبلا مصداقية، وأنهم مجرد صدى لخطاب فقد تأثيره، وقنوات يعيش العاملون فيها على فتات تمويل خارجي يشتري الذمم لكنه لا يشتري ثقة الناس عبر تمويل عزام التميمي، وعبد الرحمن أبو دية.

لم تترك الدولة شيئًا للصدفة. وزارة الداخلية كانت في قلب المشهد، ترصد، تراقب، وتتعامل بحسم مع أي تجاوز أو محاولة لإثارة الفوضى، وأعطى الإعلان عن ضبط المخالفين عبر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية عبر فيسبوك، رسالة واضحة بأنه لا أحد فوق القانون، ولا أحد سيسمح له بإرباك العملية الانتخابية.

وبينما كان الإخوان يصرخون عبر الشاشات، كان الواقع على الأرض يقول شيئًا آخر تمامًا، لجان منتظمة، إشراف قضائي كامل، انتشار أمني منضبط، مشاركة شعبية فوق المتوقع في كثير من الدوائر، وتدخل فوري ضد أي محاولة للبلطجة أو شراء الأصوات.

هكذا سقطت آخر ورقة كانت الجماعة تراهن عليها، ورقة التشكيك في الأمن والانضباط.

ومن اللحظة الأولى لانتهاء المرحلة الأولى، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع المشهد لحظة بلحظة، ويوجّه بتوفير أكبر قدر من الشفافية والانضباط واحترام إرادة الناخب، هذا الحضور السياسي الواضح أفسد على الجماعة فرصتها في إطلاق أكاذيب تتعلق بغياب القيادة أو غموض المشهد.

كل ادعاء أطلقوه ارتطم بجدار الحقيقة؛ والأهم، ارتطم بإرادة دولة تعرف أين تضع قدمها، وكانت أعنف صفعة للجماعة جاءت من الشعب نفسه، فالإخوان رغم كل عماهم السياسي، لم يفهموا بعد أن المصري الذي مرّ بأصعب السنوات وواجه الإرهاب بصدور مكشوفة ورفض إسقاط دولته تحت أقدام جماعة لا تجيد إلا المتاجرة بالدين، ولم تدرك بعد بأن الشعب المصري لا يُخدع، إذ تحوّل الشعب إلى خط الدفاع الأول ضد الشائعات، فهو من كشف فبركاتهم، وهو من فضح أكاذيبهم، وهو من رد عليهم بلافتات حقيقية في اللجان، وبصور واقعية، وبمشاركة أثبتت أن الناس تفهم تمامًا من يريد الشر بالبلد ومن يريد الحفاظ عليها.

الجماعة اليوم لا تواجه الدولة فقط، بل تواجه ملايين المصريين الذين تعلموا درسًا قاسيًا من عام حكم الإخوان، ولن يسمحوا بتكراره حتى لو تسلّلت الشائعة إلى كل هاتف.

سقطت خطة الجماعة الإرهابية في وحل الوهم لأنها ببساطة عارية تمامًا، فلا مشروع، ولا قيادة محترمة، ولا فكرة، زلا قدرة على الإقناع، ولا تأثير سياسي، زلا تواجد شعبي، هم فقط مجرد أصوات صدئة من الخارج تحاول التشبث بأي لحظة وطنية لإفسادها.

سقطت مخططات الجماعة الإرهابية لأن مصداقيتهم تآكلت وانتهت، ومنصاتهم  اضحت مكشوفة التمويل والأهداف، والدولة يقظة، والأجهزة تتابع وتتحرك، والانتخابات جرت أمام أعين الناس لا خلف أبواب مغلقة، والشعب تطور وعيه وصار أقوى من أي خدعة.

لم تكن محاولة الإخوان الأخيرة لإفساد الانتخابات سوى جولة أخرى من سلسلة الفشل الممتدة منذ 2013، كل ما حاولوه ارتد عليهم، كل شائعة أطلقوها قُتلت بالحقيقة، وكل مقطع مفبرك سحقته صور المواطنين أمام اللجان.

الجماعة التي ظنت أنها قادرة على تلويث العرس الديمقراطي اكتشفت أن مصر أكبر بكثير من أن يهزها كلام مأجور في قناة تبث من الخارج، وأمام هذا الوعي الشعبي، وهذه الدولة الصلبة، وهذه المؤسسات التي تعرف كيف تحمي استقرارها، ولم يعد أمام الإخوان إلا الاعتراف بأن زمنهم انتهى، وأن كل محاولاتهم ليست سوى صرخات في الفراغ.

استطلاع راى

هل تعتبر قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء نتائج 19 دائرة انتخابية قراراً عادلاً يضمن النزاهة؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5445 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image