إخوان الجزائر بين الصراع على المرجعية والانقسام البنيوي: أزمة قيادة تهدد تماسك الحركة
عاد الجدل داخل جماعة الإخوان في الجزائر ليكشف هشاشة البنية التنظيمية للصراع بين أجنحتها المتنافسة على القيادة والتمثيل. وتفجّر الخلاف مجددًا بعد تصريحات عبد الله جاب الله، الذي قدّم نفسه كـ«المؤسس الأول» للمشروع الإخواني في البلاد، ما أعاد إلى الواجهة السؤال القديم: من يمثل الإسلام السياسي في الجزائر اليوم؟
ووفق ما نقل موقع حفريات عن موقع "أرابز نيو"، اعتبر جاب الله أن دخوله المبكر في العمل الدعوي منذ سبعينيات القرن الماضي يمنحه مكانة المرجعية التاريخية الأولى للإخوان في الجزائر، منتقدًا السرديات التي تربط تأسيس المشروع الإخواني بالراحل محفوظ نحناح أو بحركة مجتمع السلم. هذا الطرح استنفر قيادات “حمس”، التي سارعت إلى التشكيك في رواية جاب الله، ووصفتها بأنها «مغالطات تسعى لاحتكار الشرعية داخل الحركة الإسلامية».
ويعكس هذا الاشتباك أزمة أعمق داخل الجماعة، حيث يكشف الصراع على المرجعية والتمثيل عن انقسام بنيوي بين أجنحة تعتبر نفسها الوريث الطبيعي للفكر الإخواني، وأخرى تتمسك بتاريخ نحناح كنقطة الانطلاق الرسمية للحركة.
ويترتب على هذا التنازع تداعيات عملية، إذ يؤثر على قدرة الجماعة على التفاوض السياسي، حيث تجد الدولة نفسها أمام فصائل متعددة تدّعي كل منها أنها الصوت الشرعي. ويرى مراقبون أن أزمة الزعامة لدى الإخوان لم تعد مجرد خلاف فكري، بل تحوّلت إلى صراع على النفوذ وإعادة توزيع مراكز القوة داخل التيار.
ويؤكد المحللون أن هذا الاضطراب يضعف قدرة الجماعة على الحفاظ على تماسكها الداخلي، ويجعل أي توافقات سياسية مع أحد أجنحتها معرضة للانهيار بمجرد تغيّر موازين القوى. وفي ظل غياب قيادة موحدة، يبدو الإسلام السياسي الجزائري مقبلًا على مزيد من التشظي بدل بناء قاعدة سياسية مستقرة.
