الاثنين 8 ديسمبر 2025 | 11:46 ص

الحكيم لـ "مصر الان":  قبل "حكم الادارية" الأزمة ليست خلافًا في القانون، بل اضطرابًا في الإدارة


 قال المستشار الدكتور نزيه الحكيم في تصريح لموقع "مصر الان"أنه مع اقتراب الإدارية العليا من الفصل في ٢٥٧ طعنًا تخص المرحلة الثانية، يثور سؤالٌ مشروع:

هل ستسير المحكمة على النهج ذاته الذي اتبعته في طعون المرحلة الأولى؟

خاصة أنها رفضت ٣ طعون واحالت ٤٠ طعن لمحكمة النقض

وهل ستعيد إنتاج السيناريو نفسه؟

وأضاف الحكيم إن ما شهدناه سابقًا من لم يكن اضطرابًا قضائيًا، بل كان نتيجة طبيعية لتصرف إداري معيب خلط بين مسارين: مسار الإجراءات، ومسار صحة العضوية. فإن حكمت الإدارية العليا هذه المرة بإلغاء بعض الدوائر، فنحن أمام النسخة الثانية من الأزمة نفسها… دائرة لا تنتهي، وازدواج لا يزول، يخلق مشهدًا يدور فيه النزاع بين جهتين كلٌ منهما لا تملك ما تملكه الأخرى.

وأوضح أن المصير لو تكرر السيناريو سيكون مزيدًا من التشابك بين القرارات الإدارية ومراكز الخصوم القانونية، ومزيدًا من التخبط الذى يجعل الخروج من الدوامة مرهونًا بعودة المسار إلى طبيعته الأولى:
فصلٌ واضح بين "الإجراء" و"العضوية"، وتريُّث إداري يعيد الانضباط إلى السلسلة القانونية التي اختلت من أول خطوة.

وقال أنه في الخبرة الدستورية المعتبرة، لا ينهار النظام الانتخابي إلا حين تتداخل الاختصاصات، أو تختلط مراحل العملية ببعضها، أو تُستبدل الحكمة بالتعجل، فيتحوّل المسار القانوني من طريق مستقيم إلى شبكة متشابكة من الأسئلة والارتباك. وهذا – للأسف – ما وقع حين سارعت الهيئة الوطنية للانتخابات إلى إعلان نتائج لم تكتمل عناصرها، ثم أسرعت إلى تحديد موعد لإعادة انتخابية قُضي ببطلانها قبل أن تُحسم صحة عضوية من أعلنت فوزهم.

وقال وهنا تثور الفكره التى تعكس روح الدستور، وتُحاكم ما جرى على ميزان النصوص لا على هوى القرارات.

أولًا: إعلان النتيجة قبل أوانها… وكيف خلقت الهيئة مراكز قانونية من العدم

الهيئة الوطنية – بتعجل غير مفهوم – أعلنت فوز مرشحين قبل الفصل في طعون جوهرية، فانتقلت المسألة فجأة من نطاق "الإجراءات الانتخابية" إلى نطاق "صحة العضوية".
وأصبح كل مرشح أعلن فوزه صاحب مركز قانوني له حماية خاصة في الدستور، فتحوّل الطعن عليه إلى منازعة صحة عضوية تُرفع أمام محكمة النقض وحدها.

ولو أن الهيئة تريثت – كما يقتضي العقل الدستوري – ولم تُنشئ مراكز قانونية متسرعة، لبقيت جميع الطعون ضمن نطاق العملية الانتخابية، ولظلت الإدارية العليا هي صاحبة الولاية الطبيعية في فحص الإجراءات، والتأكد من سلامتها، وسبر قرارات الهيئة.

وأردف لكن التعجل غير مدروس… نقل النزاع من "الإجراء" إلى "مركز قانونى"، ومن "الفرز" إلى "العضوية"، وبذلك أنشأ التعجل أزمة لم يكن لها وجود.

ثانيًا: الإعادة المستعجلة… وسيناريو الهروب إلى الأمام

الأخطر من إعلان النتيجة كان استعجال الهيئة في تحديد موعد إعادة الانتخابات الملغاة أصلًا.
فهي لم تنتظر حكم النقض، ولم تُمهِل القضاء الطبيعي وقتًا ليقول كلمته في شق الفوز، فصار المشهد كما لو أن الهيئة هربت إلى الأمام، محاولةً فرض "أمر واقع" انتخابي قبل أن تتحدد الحقيقة القضائية.

ثم جاءت أحكام القضاء لتكشف أن الإعادة التي أجرتها الهيئة معدومة الأساس، وأن شق الإعلان بالفوز كان محتومًا أن يذهب إلى محكمة النقض منذ اللحظة الأولى.

هكذا وُلدت الأزمة:
إعادة بلا سند، وفوز معيب بالإجراءات، ونتائج مُعلنة قبل التحقق من صحتها.

ثالثًا: لماذا لا تملك الإدارية العليا الفصل في عضوية من أُعلن فوزه؟

هذا السؤال جوهري، ويُثار كثيرًا…
لكن إجابته حاسمة وبسيطة:

بمجرد إعلان الهيئة فوز مرشح، يصبح أمامنا مركز قانوني مكتمل، لا مجرد إجراء انتخابي.
ومن اللحظة ذاتها ينتقل الاختصاص – بحكم المادة 107 من الدستور – إلى محكمة النقض فقط.

ولا شأن لحلف اليمين بهذا الانتقال، لأن اليمين شرط لمباشرة العمل،
أما الصفة النيابية فتنشأ بمجرد إعلان النتيجة.

رابعًا: أين مكمن الخطأ الذي أدى إلى هذا التشتيت القانوني؟

وقال أن الحقيقة أن القضاء لم يصنع الأزمة… بل صنعها قرار الهيئه الوطنيه المعيب.
فالهيئة الوطنية – بتقسيمها قرارًا واحدًا إلى شقين غير متسقين: "فوز" و"إعادة" – خلقت ازدواجًا حادًا في المسارات القضائية:

شق الإعادة ظل إجراءً إداريًا خالصًا يخضع لرقابة الإدارية العليا.
أما شق الفوز فخرج إلى محكمة النقض باعتباره صحة عضوية.

هذا التفكيك ما كان ليحدث لو تريثت الهيئة وأبقت القرار داخل نطاق الإجراءات، حتى يكتمل الفحص القضائي وتستقر الحقيقة. أما وقد سارعت، فقد تضاربت المسارات:
الإعادة أُلغيت…
الفوز أُحيل للنقض…
والنقض قبلت الطعون…
ثم وجد الجميع أنفسهم أمام مشهد التباسٍ يرجع إلى قرار إداري واحد.

وأخيرًا…
لم تكن الأزمة خلافًا في القانون، بل اضطرابًا في الإدارة.
الهيئة استعجلت… فخلقت مراكز قانونية…
ثم استعجلت الإعادة… فخلقت ازدواجًا إجرائيًا…
ثم وقفت الإدارية العليا أمام قرار مُركّب ففصّلته بشقين…
ثم جاءت النقض لتحسم ما كان يجب ألا يتورط فيه أحد من البداية.

الخلاصة: ماذا لو قضت الإدارية العليا بإلغاء دوائر فى المرحلة الثانية؟
هل سندور فى دائرةٍ مغلقة تعيدنا لنقطة الصفر… كعابرٍ يطارد ظلّه؛ كلما ظنّ أنه تقدّم خطوة اكتشف أنه عاد للمكان نفسه؟

استطلاع راى

هل ترى أن مكافحة الفساد يجب أن تكون الأولوية القصوى لأعضاء البرلمان القادم؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5445 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image