عمار علي حسن ينشر نص التحقيق معه في نيابة أمن الدولة العليا
نشر الكاتب الصحفي عمار علي حسن نص التحقيق الذي أجرته معه نيابة أمن الدولة العليا وأنتهي منذ قليل حيث قال:
١_هل هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استدعاؤكم بهذا الشكل؟
ليست الأولى، فقد أستدعيت من قبل للمثول أمام النيابة العامة في مارس 2010 على خلفية مقال لي بصحيفة "المصري اليوم" عن "صفقة بين الحزب الوطني والوفد"، أثارت صخبا شديدا، وخرج صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى وقتها والرجل النافذ في نظام مبارك للرد علي، دون ذكر اسمي، وقال "الحزب الوطني لا يبرم صفقات إلا مع المواطنين"، كما عقد د. علي الدين هلال مؤتمرا صحفيا للرد، لكن الحزب الوطني لم يرفع دعوى ضدي، إنما رفعها د. محمود أباظة رئيس حزب الوفد، طالبا يومها تعويضا قدره عشرين مليون جنيه، وهي تساوي 250 مليون الآن، بتقويم سعر الجنيه مقابل الدولار. وتصادف أن مصر لم تكن بها أحداث سياسية لافتة، وكان الإعلام حرا إلى حد معقول، فظلت المسألة محل تداول على مدار أسبوعين على الأقل. عقدت مناظرات في برامج "التو شو" ، وأعدت تقارير وتحليلات في الصحف المصرية والعربية، وامتد الأمر إلى مختلف القنوات الإخبارية العربية. وكتبت مقالات، وقادت صحيفة "الوفد" حملة ضدي كانت عنيفة، وقمت بالرد في مقالات مضادة.
لم يتم يومها الاستدعاء بالطريقة التي أنا بصددها الآن، إنما هاتفني وكيل النائب العام لمحكمة شرق القاهرة، وقال لي بطريقة غاية في التهذيب: ما اليوم الذي يناسبك للحضور؟ فقلت له: حدد الموعد الذي تراه وأنا سآتي إليك. وذهبت مع عدد كبير من المحامين المتطوعين. وطلب المحامون من النيابة الإطلاع على أقوال الخصم فوافقت، وأملهت التحقيق أسبوعا للإطلاع. مثلت أمام وكيل النيابة، وكان رجلا مقتدرا في القانون والأخلاق، واستمر التحقيق زهاء الست ساعات، وانتهى بإخلاء سبيلي بضمان بطاقتي الصحفية، وحفظت القضية بعد ثمانية شهور تقريبا، ولفت انتباهي أن حيثيات الحفظ أخذت نصا من أقوالي.
٢_هل توجد قضية مفتوحة تحمل هذا الرقم تم على أساسها التحقيق مع آخرين، وفقًا لما ذكره المحامون لكم؟
استدعاء نيابة أمن الدولة العليا يشير إلى قضية تحمل رقم 10204 لسنة 2025 لكن مذكرة الاستدعاء أو "الإعلان القانوني" لم تذكر أي شيء عن موضوعها، ولم تحدد أطرافها.
٣-هل سبق أن تواصلت معكم أي جهة بسبب مقالات أو منشورات بعينها؟
حدث مرة واحدة في مقال تخيلي عن توريث الحكم أيام مبارك، وعرف المتصل نفسه لي بأنه ضابط في الأمن القومي، استفسر عما إذا كان المقال الذي دار فيه حوار بيني وبين قيادة كبرى في الحزب الوطني تجاورنا مصادفة في رحلة بالقطار إلى الإسكندرية قد حدث بالفعل أم هو ابن الخيال، فقلت له: المقال تخيلي، لكن يمكنك أن تعتبره واقعيا. ابتسم، وشكرني، وانتهت المكالمة.
على مدار ربع قرن من مقالاتي، ورغم ما تنطوي عليه من نقد، يعلم الله أنه يروم الصالح العام، لم يتصل بي أحد، ليطلب مني استفسارا، أو يطلب حذف تغريدة على إكس أو مكتوب على فيسبوك أو يعرب عن امتعاضه من مقال أو لقاء متلفز، باستناء مرة واحدة، عام 2019، استدعاني الأمن الوطني ليسألني عمن قصدت بتغريدة كانت تنال من شخص ممكن في السلطة، وقلت لهم من أقصد دون مواربة، وانتهى الأمر بسلام.
٤-ما هو تقدير المحامين الذين استشرتموهم للموقف؟
يرون أن الأمر يتعلق بما أكتب على وسائل التواصل الاجتماعي، ويقدرون أنه يتماشي مع المصلحة الوطنية، ويراعي القانون والدستور، وهي آراء أو وجهات نظر معارضة نعم، لكنها لا تنطوي على تحريض أو تجريح في أي شخص.
٥_ما هو تقديركم الشخصي للسبب الحقيقي وراء هذا الاستدعاء؟
لا أعرف على وجه الدقة، لكنني أعزو هذا إلى اختلاف الإدراك والتقييم، فربما تكون هناك كتابات أعتبرها لم تخرج عن القانون قط، وتندرج تحت السقف الذي حدده الدستور لحرية التعبير، لكن ربما هناك من يرى الأمر فيه شيء غير مناسب، حسب تقديره للظروف التي تمر بها البلاد، والتي أراعيها في كتاباتي، أو أبذل كل جهد مستطاع في سبيل ذلك، وكلنا يرى المصلحة الوطنية بطريقته، والتعدد سنة حياتية واجتماعية، والسياسة هي فن إدارة الاختلاف، والتنوع ثراء.
٦_هل كانت هناك، خلال الأسبوعين الماضيين، مداخلات مع قنوات تلفزيونية أو كتابات في صحف خارج مصر ناقشت قضايا شائكة قد تكون أثارت حساسية لدى السلطات؟
في هذه المدة سجلت فيديو دار حول كتابي "أبواب الأذى .. دفتر أوجاع أهل مصر" لمنصة "تفاصيل مصرية" التي يملكها الإعلامي معوض جودة، والكتاب صدر هذا العام عن دارالشروق بالقاهرة، وفيديو آخر دار حول الأحوال الثقافية سجلته مع الإعلامية معتزة مهابة، لحساب منصة "إيجيبتك"، ولقائي مع "بي. بي. سي" في برنامج "بتوقيت مصر" الذي تقدمه الإعلامية نسمة السعيد، والحلقات الأربع التي بثتها النيل للأخبار وإدارتها المذيعة أمل رشدي عن سيرتي الذاتية التي صدرت في كتاب "مكان وسط الزحام .. تجربة ذاتية في عبور الصعاب" عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، ولقاء ثقافي مع موقع "بوك زوون" حول أعمالي الأدبية، وليس في كل هذا ما خرج عن سمتي وطريقتي السابقة التي يحميها الدستور والقانون.
7 ـ في ضوء هذا الاستدعاء ما الذي يمكنك قوله في النهاية؟
نحن نختلف في مصر، ولا نختلف عليها. هذا ما ينبغي له أن يكون، وما أومن به. والسلطة السياسية بمختلف مؤسساتها وأجهزتها تعرف الحقيقة، أو يفترض هذا، ومن ثم تدرك وتفرق بين من يتحدث أو يكتب ابتغاء وجه الله والناس والوطن، ويخلص للحق والحقيقة، ومن ليس كذلك. ومن يتابعني يعرف أنني أقدح من رأسي، وليس من رأس أحد، لأني من المؤمنين بضرورة أن يكون الكاتب حرا ومستقلا، وأتمنى أن يدرك أهل القرار في البلاد هذه المعادلة جيدا، وإن كانوا يدركونها فعليهم العمل بها.




