رئيس التحرير يكتب:هدم الرموز مساس مباشر بجذور الوعي الجمعي
حالة من الجدل تثار حاليا داخل أروقة الرأي العام مابين شد وجذب حول فيلم "الست"
وبات الخلاف يأخذ أكثر من منحي ولعل ما أثار تحفظي علي هذه الإشكاليات هو ملابس الراحلة العظيمة السيدة أم كلثوم نفسها وبين مايتم ارتداؤه حاليا في الفيلم٠
فهدم الرموز ليس مجرد خلاف فكري أو اختلاف في قراءة التاريخ، بل هو مساس مباشر بجذور الوعي الجمعي وبالمرتكزات التي تتشكل حولها هوية المجتمعات. فالرموز، مهما كانت بشرية وغير معصومة، تمثل نقاط ارتكاز نفسية وثقافية تحفظ استمرارية المعنى بين الماضي والحاضر، ومن دونها يصبح المجتمع بلا ذاكرة واضحة أو مرجعية مستقرة.
الطرح يلفت الانتباه إلى إشكالية حقيقية تتجاوز الأشخاص إلى بنية الوعي نفسها.
فالمشكلة ليست في مراجعة التاريخ أو مساءلة الرموز، بل في الطريقة والغاية. حين يُنزَع النقد من ضوابطه العلمية والأخلاقية، يتحول من أداة تصحيح إلى وسيلة تفريغ للذاكرة وتشويش للمعنى العام.
ما يحدث اليوم في كثير من السجالات ليس بحثًا عن الحقيقة، بل صراع على السردية؛ حيث تُستخدم الروايات المبتورة والمقولات المثيرة لهدم الثقة وتكريس الشك، لا لبناء فهم أعمق. الفارق كبير بين تفكيك التجربة تاريخيًا وتحطيم القيمة الرمزية التي تشكل وجدان المجتمع.
الخطر الحقيقي أن يتحول هذا النهج إلى حالة عامة تُفرغ المجتمع من قدوته وتجعله بلا مرجعية، فيصبح أكثر قابلية للاستقطاب والتلاعب. حماية الرموز هنا لا تعني تقديسها أو إنكار إنسانيتها، بل الحفاظ على التوازن بين الوعي النقدي واحترام الذاكرة الجمعية، حتى لا يُختزل التاريخ في فضائح، ولا تُختزل الثقافة في حملات تشويه

