«الطريق إلى COP 28».. الإمارات: قمة تنفيذ وليست قرارات
بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة، استعداداتها لقمة المناخ "كوب 28"، التي من المقرر أن تستضيفها في مدينة إكسبو دبي، خلال نوفمبر المقبل، وهي القمة التي يعول عليها العالم أجمع باعتبارها قمة تنفيذ بعد تلك التي عقدت في مدينة شرم الشيخ.
تأتي قمة "كوب 28"، وسط أزمات متعددة يشهدها العالم، فمن ناحية تعمل دول العالم جاهدةً على التعافي من آثار جائحة كورونا التي خلَّفت وراءها ملايين الوفيات والإصابات، وعلى المستوى الاقتصادي يسعي الاقتصاد العالمي إلى استرداد خسائره المتعددة في قطاعات جمة، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك بسبب الجائحة التي ما زالت تخيم بظلالها حتى اليوم.
الأمر لا يقتصر فقط على هذه الأزمات ولكن تشهد أوروبا أزمة طاقة، وتعاني القارة الأفريقية من أزمة ماء وغذاء، وتظل المعاناة الكبرى هي التغيرات المناخية، وكذلك على الجانب الإنساني يوجد ملايين المواطنين مهددون بأزمة غذاء عالمية بسبب عدم انتظام سلاسل الإمدادات التي كانت أحد نتائج الحرب الدائرة، ومع تزايد العقوبات الغربية على روسيا، باتت أزمة الطاقة أحد الأزمات التي تهدد العديد من الدول خاصة الغربية.
أهم توصيات كوب 27
جاءت أبرز التوصيات التي خرجت بها قمة كوب 27 التي عقدت بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر الماضي، في إبرام اتفاقات تمويل جديدة لمساعدة الدول النامية على مواجهة الخسائر والأضرار، من خلال توفير الموارد الجديدة والإضافية والمساعدة على حشدها، وكذلك الحاجة الملحة لخفض فوري وعميق وسريع ومستدام للانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار المناخي، والتأكيد على هدف اتفاق باريس باحتواء ارتفاع متوسط الحرارة دون الدرجتين المئويتين بكثير، مقارنة بمستويات ما قبل الحقبة الصناعية ومواصلة الجهود لحصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية.
كما دعا مؤتمر المناخ الأخير إلى تسريع الجهود نحو خفض تدريجي لاستخدام الفحم غير المترافق، بنظام التقاط الكربون وإلغاء الدعم غير المجدي للوقود الأحفوري، مع التشديد على تشكيل "لجنة انتقال" مكلفة وضع الإجراءات العملانية لهذه التدابير الجديدة ومن بينها الصندوق الخاص، ورفع التوصيات "للدرس والإقرار" في كوب 28.
التحركات الإماراتية
أنشأت الحكومة الإماراتية وزارة متخصصة للتغير المناخي والبيئة، في مسعى لتعزيز جهود الدولة في معالجة مشكلة التغير المناخي وحماية النظم البيئية الفريدة، وقد منحت هذه الوزارة صلاحيات واسعة للتدخل، كما وضعت تحت تصرفها الإمكانات الكاملة لتطوير الاستراتيجية الإماراتية لتطوير البيئة.
الإمارات تسعى إلى أن تكون القمة المقبلة قمة تنفيذ وليست قرارات، وهذا هو الأمل الذي يحاول البعض الوصول إليه، خاصة وسط الاضطرابات العالمية المتزايدة، وعملت طوال السنوات الماضية على تنفيذ هذا البرنامج.
قامت الإمارات بتطوير منصة دولية للعمل المناخي المنتظم والمستمر، وتتمثل في أسبوع أبوظبي للاستدامة، الذي يُعقد بطريقة منتظمة في يناير من كل عام، ويجمع سلسلة من الفعاليات العالمية التي تجمع رؤساء دول ونخبة من صناع القرارات وقادة الأعمال ورواد التكنولوجيا من حول العالم، لمشاركة المعرفة حول كيفية تحقيق الاستدامة والحياد المناخي.
واستضافت الإمارات مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، والتي تدعم الدول للانتقال إلى الطاقة المستدامة، وتعتبر منصة للتعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة مثل: الطاقة الحيوية، والطاقة الحرارية، والطاقة المائية، والمحيطات، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح.
دولة الإمارات قامت أيضًا باستثمار حوالي 50 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة، في العديد من دول العالم، فضلًا عن اتجاهها إلى الطاقة الخضراء، مثل الهيدروجين والطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.
أطلق مركز دبي المالي العالمي برنامج "الطريق إلى COP28" والتزام مجموعة عمل التمويل المستدام بتعزيز مكانة الإمارات لتصبح الوجهة المفضلة في المنطقة للتمويل المستدام.
كما أقامت الإمارات في منتصف مارس الجاري، أول فعاليات "الطريق إلى كوب 28" والمتمثلة في فعالية مخصصة للشباب، وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس اللجنة الوطنية العليا للإشراف على أعمال التحضير للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ إن الإمارات تتبنى رؤية مستقبلية محورها الشعوب في التركيز على العمل المناخي، وأن الدولة تخصص موارد كبيرة على كافة المستويات الحكومية، وتقود عملية مناخية شفافة مبتكرة تضم الجميع، كما تشمل كافة الجهات المعنية الأساسية والمجتمعات وتحديدًا الشباب، ليسهموا في إدراج الحلول العملية في جدول أعمال المؤتمر.
في نفس السياق، قال الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدّمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف (كوب 28) إن المؤتمر يسعى لتحقيق الهدف العالمي بشأن التكيُّف مع تداعيات تغير المناخ، ووضع الصيغة النهائية للاتفاق على مضاعفة تمويل التكيّف.
وأوضح الجابر، في كلمة له الشهر الماضي أمام «القمة العالمية للتنمية المستدامة» التي استضافها «معهد الطاقة والموارد»، أن النقلة النوعية التي يحتاج إليها لتسريع التقدم تتطلب توفير التمويل بشكل مُيسر وبتكلفة مناسبة، مشيرًا إلى أن التمويل المطلوب يقدر بتريليونات الدولارات.
وأضاف، «من الممكنات الرئيسية لتوفير هذا التمويل تطوير أداء المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق الاستثمار المتخصصة»، مضيفًا: «إننا بحاجة إلى جمع مزيد من التمويل بشروط ميسرة، وجذب مزيد من التمويل من القطاع الخاص، واستهداف البلدان الأشد احتياجًا إلى الاستثمارات، وسيكون هذا هدفًا رئيسيًا لفريق رئاسة مؤتمر الأطراف، وسنحشد جهود جميع الأطراف المعنية من أجل تحقيقه».
وأشار الدكتور الجابر إلى أن العمل المناخي الفعال يتيح خلق فرص عمل كبيرة وجديدة، وابتكار مجالات أعمال وقطاعات وصناعات جديدة، وتحقيق أكبر تحوُّل جذري في معدلات النمو البشري والازدهار منذ الثورة الصناعية الأولى.
وجدد التأكيد على أن رئاسة «مؤتمر الأطراف» (كوب 28) ستواصل الاستماع إلى الجميع، والتشاور والتواصل معهم، وجمعهم على طاولة المفاوضات، وضمان عدم ترك أحد خلف الرَّكب، كما سلط الضوء على أهمية الشراكات من أجل التقدُّم نحو بناء مستقبل مستدام للجميع.
وأكد: «سأواصل خلال الأشهر المقبلة، وبالتعاون مع فريق مكتب مؤتمر الأطراف (كوب 28)، الاستماع إلى الجميع، والتشاور والتواصل معهم، بمن فيهم المجتمع المدني، والشعوب الأصلية، والقطاع الخاص، والحكومات، والنساء، والشباب».