

"الحر الشديد هو المستقبل"... أوروبا تواجه موجات حرارة قاتلة بلا مفر
في تقرير لافت نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، سلطت الضوء على التحول المناخي الجذري الذي تشهده القارة الأوروبية، مؤكدة أن "الحرارة الشديدة لم تعد استثناءً بل باتت ملامح دائمة لمستقبل أوروبا"، وخاصة في ظل تجاوز درجات الحرارة في باريس حاجز 38 درجة مئوية خلال الأسبوع الماضي.
وفي محاولة للتخفيف من هذا الواقع المناخي القاسي، بدأت السلطات في باريس اتخاذ خطوات ملموسة لمجابهة تأثيرات الاحتباس الحراري، منها تدشين مشاريع الزراعة الحضرية، وتحويل الأرصفة إلى مناطق مزروعة، وإنشاء جدران خضراء بجوار محطات المترو، بالإضافة إلى تشجيع استخدام الدراجات وتقليل الاعتماد على السيارات.
وقد دشنت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالجو، مشروعًا جديدًا يهدف إلى جعل نهر السين صالحًا للسباحة للمرة الأولى منذ مئة عام، في خطوة وصفها البعض بـ"الرمزية"، إلا أن العديد من سكان العاصمة الفرنسية رأوها مؤشرًا على وعي بيئي متزايد وتحول ثقافي مطلوب.
مبادرات بسيطة وتغييرات ملموسة
ومن بين المبادرات التي تم تنفيذها: تحويل مواقف السيارات إلى أحواض زهور، واستبدال الأسفلت الداكن الذي يمتص الحرارة بأحجار فاتحة تعكس أشعة الشمس، مما ساهم في تخفيف ظاهرة "الجزر الحرارية" في بعض أحياء باريس.
ووفقًا للناشط البيئي لوك بيرمان، فإن نسبة مستخدمي الدراجات في باريس ارتفعت من 2% إلى 12% خلال عقد واحد، بينما انخفضت نسبة الاعتماد على السيارات من 12% إلى 4%، وهو ما يعكس – بحسب وصفه – "تغييرًا مذهلًا وسريعًا في البنية الحضرية".
معركة سياسية ومناخية
ورغم الجهود الحكومية، فإن الحرارة الخانقة تواصل الضغط على السكان، وسط ليالٍ حارة وأيام طويلة بلا راحة، في حين تحاول أحزاب اليمين المتطرف، مثل حزب مارين لوبان، استغلال أزمة التكييف والحرارة في خطابها السياسي، دون تقديم حلول فعالة لأزمة المناخ.
وتبقى الحقيقة المرة، بحسب عالم البيئة الكندي ديفيد سوزوكي، أن "الضرر قد وقع بالفعل"، فيما لا تزال أمام العالم فرصة لتقليل الخسائر، إن لم يكن تفاديها بالكامل.
