مظاهرات "لا ملوك" تجتاح أمريكا رفضًا لـ"نزعة ترامب الملكية".. لماذا يرفض الأمريكيون الحكم الملكي؟

شهدت الولايات المتحدة، يوم السبت، مظاهرات حاشدة في أكثر من 2,500 موقع عبر مختلف الولايات، احتجاجًا على ما وصفه المتظاهرون بـ"النزعة الملكية" في أسلوب حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وجاءت الفعاليات تحت شعار "لا ملوك في الولايات المتحدة"، وهي حملة بدأت أولى أنشطتها في يونيو 2025، بعد أن نظم ترامب عرضًا عسكريًا احتفاليًا بعيد ميلاده، ما أثار جدلاً واسعًا حول ميله لإظهار السلطة في شكل "ملكي".

الحركة التي يقودها نشطاء مناهضون لترامب، تؤكد أن الأمريكيين منذ تأسيس جمهوريتهم عام 1776 يرفضون أي نظام يقترب من الملكية، مستندين إلى مبادئ وثيقة الاستقلال الأمريكية التي وُقّعت عام 1787 ونصّت بوضوح على أن "السلطة للشعب لا للملك".

ويرى المشرعون والباحثون السياسيون أن التجربة التاريخية مع الحكم الملكي البريطاني، الذي مثّل رمزًا للاستبداد، دفعت الآباء المؤسسين لوضع نظام فيدرالي ديمقراطي يقوم على فصل السلطات، لتفادي تكرار أي نموذج للحكم المطلق.

وتتهم حركة "لا ملوك" الرئيس ترامب بأنه يسعى لتوسيع صلاحياته التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية، عبر قرارات مثيرة للجدل، منها احتجاز مهاجرين دون أحكام قضائية، وإصدار أوامر تنفيذية تمس صلاحيات الكونغرس.

ويرى منظمو الحملة أن ترامب "يتصرف مثل ملك لا رئيس"، في ظل تزايد نفوذه السياسي والإعلامي منذ عودته إلى البيت الأبيض، متهمين إياه بـ"تقويض روح الديمقراطية الأمريكية".

وشارك في المسيرات أكثر من 7 ملايين شخص، بحسب تقديرات المنظمين، بينهم نحو 100 ألف متظاهر في نيويورك وحدها، بينما شهدت مدن كبرى مثل لوس أنجلوس وشيكاغو وواشنطن العاصمة تظاهرات مماثلة، إلى جانب تجمعات أصغر في الولايات الحمراء والزرقاء على حد سواء.

وفي المقابل، سخر الرئيس ترامب من المظاهرات عبر فيديو ساخر بتقنية الذكاء الاصطناعي نشره على منصته "تروث سوشيال"، ظهر فيه مرتديًا زيًّا ملكيًا، في إشارة ساخرة إلى الاتهامات الموجهة إليه.

وقال ترامب لاحقًا، في تصريحات للصحفيين على متن طائرة "إير فورس وان" أثناء عودته من فلوريدا، إن المظاهرات "مجرد مزحة"، مضيفًا: "لست ملكًا، أنا فقط أعمل بجد لجعل بلادنا عظيمة من جديد".

ويؤكد محللون أن هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات تبرز حساسية الأمريكيين التاريخية تجاه فكرة الحكم الوراثي أو السلطوي، إذ يربطونها مباشرة بفترة الاستعمار البريطاني وما تبعها من صراع من أجل الحرية والديمقراطية، ما يجعل شعار "لا ملوك" امتدادًا لروح الثورة الأمريكية الأولى.