تبرع غامض للبنتاجون يثير عاصفة سياسية في واشنطن.. صديق ترامب يدفع 130 مليون دولار لرواتب العسكريين خلال الإغلاق
أثار إعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قبولها تبرعًا مجهول المصدر بقيمة 130 مليون دولار، موجة واسعة من الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، خاصة أنه يأتي في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ البلاد، والذي عطّل صرف رواتب آلاف العسكريين والموظفين الفيدراليين.
وأكد البنتاجون، في بيان رسمي الجمعة، أنه تلقى التبرع بموجب "صلاحياته القانونية العامة لقبول المساهمات المالية"، موضحًا أن المبلغ سيُستخدم في تغطية رواتب ومزايا أفراد الخدمة العسكرية المتأثرة بالإغلاق. إلا أن الإعلان لم يمر مرور الكرام، بعدما كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن المتبرع هو "صديق مقرب منه"، دون أن يفصح عن هويته.
وقال ترامب خلال فعالية أقيمت في البيت الأبيض مساء الخميس: "هذا ما أسميه وطنيًا حقيقيًا.. إنه لا يريد التقدير أو الشهرة، فقط أراد مساعدة جنودنا في هذا الوقت الصعب." وأضاف أن الصديق اختار البقاء مجهول الهوية احترامًا لرغبته الشخصية.
ورغم الترحيب من بعض الدوائر العسكرية بالتبرع، فإن الخطوة أثارت تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مدى شفافية التمويل العسكري في ظل الأزمة السياسية الحالية. واعتبر مراقبون أن قبول تبرع بهذا الحجم من مصدر مجهول يفتح الباب أمام تضارب محتمل في المصالح، خصوصًا في ظل علاقة المتبرع المزعوم المباشرة بالرئيس.
وقال شون بارنيل، المتحدث باسم البنتاجون، إن المؤسسة "ممتنة لهذه المساعدة التي جاءت في وقت حساس بعد أن اختار الديمقراطيون تعطيل صرف الرواتب"، في إشارة إلى استمرار الخلاف بين البيت الأبيض والكونجرس بشأن مخصصات التمويل الحكومي.
أزمة الإغلاق.. الأطول في تاريخ الولايات المتحدة
ويعيش الأمريكيون منذ أكثر من 24 يومًا حالة من الشلل الجزئي في مؤسسات الدولة، بعدما فشل الجمهوريون والديمقراطيون في التوصل إلى اتفاق حول ميزانية الرعاية الصحية وتمويل الإنفاق العسكري. وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، أبلغت إدارة ترامب الكونجرس بأنها استخدمت 6.5 مليار دولار من الاحتياطيات لتغطية الرواتب مؤقتًا، إضافة إلى تحويل 8 مليارات دولار من أموال البحث والتطوير العسكري الأسبوع الماضي.
ورغم هذه التحركات، لا يزال الغموض يحيط بمصير الرواتب القادمة، إذ لم يتضح بعد ما إذا كانت الإدارة قادرة أو راغبة في تكرار تحويل الأموال الأسبوع المقبل، وسط تصاعد التوترات السياسية في واشنطن.
يرى مراقبون أن تبرعًا بهذا الحجم، في ظل أزمة مالية وسياسية حادة، يضع الإدارة الأمريكية في موقف حرج، بين من يصفه بلفتة "وطنية نبيلة" ومن يراه تدخلاً مالياً يثير الشكوك حول مدى استقلالية المؤسسات العسكرية عن التأثيرات الخاصة.
وبينما يواصل البنتاجون التأكيد على قانونية الخطوة، يطالب مشرعون من الحزب الديمقراطي بفتح تحقيق عاجل لكشف هوية المتبرع الحقيقي، مؤكدين أن الشفافية الكاملة ضرورة للحفاظ على نزاهة المؤسسات الفيدرالية، خصوصًا في أوقات الأزمات.
وفي ظل استمرار الإغلاق وتعثر المفاوضات السياسية، يبدو أن هذا التبرع الغامض سيظل نقطة اشتعال جديدة في المشهد الأمريكي، الذي يشهد بالفعل انقسامًا حادًا حول إدارة ترامب للأزمة وسبل إنهائها.






