الأحد 2 نوفمبر 2025 | 10:53 م

حسام السويفي يكتب: خالد البلشي.. وعد فأخلف!


يبدو أن نقيب الصحفيين خالد البلشي دخل النقابة لا ليرفع هموم الصحفيين، بل ليرفع الشعارات! وعد كثيرا، تحدث أكثر، لكن على أرض الواقع لم يترك سوى خيبات، وبيانات خشبية لا تسمن ولا تغني من وجع.

منذ أن جلس على مقعد النقيب وهو يتحدث عن “التغيير” و“الكرامة” و“استرداد الحقوق”، فإذا بكل هذه الشعارات تتبخر في هواء الاجتماعات واللجان، ولم يبق منها إلا الصوت العالي والصورة في الصفوف الأولى.

كان أول وعوده إنهاء مأساة الصحفيين المؤقتين في الصحف القومية، أولئك الذين يعملون بلا عقود ولا تأمينات، يحملون هوية الصحافة ولا يملكون الأمان الوظيفي. وعد البلشي بحلّ عاجل ونهائي، ثم ما لبث أن اكتفى بإرسال بيانات ودّ باردة إلى المهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، دون أن يتحقق شيء. ومرت الشهور، وما زال الزملاء المؤقتون في أماكنهم، بلا قرار، ينتظرون من النقيب كلمة تترجم إلى فعل، لا بيانا يتبخر سريعا في أرشيف الهيئة.

أما وعده برفع بدل التدريب والتكنولوجيا بنسبة 25 إلى 30% فكان نكتة الموسم الانتخابي. قالها البلشي في حملته وكأنه يملك مفاتيح الخزانة العامة، ثم عقب فوزه، لم تزد النسبة إلا 15% بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، بينما لم يعلم النقيب بالزيادة إلا من نشرات الأخبار! لم يكن حاضرا في الاجتماع الرئاسي مع قيادات الإعلام حين أعلن الرئيس القرار، وكأن النقابة لم تعد ترى من بوابة الدولة، بل من نافذة "التيار" فقط.

ترك البلشي عشرات الصحفيين المفصولين تعسفيا والمتوقفة تأميناتهم في العراء، وكأنهم ليسوا أعضاء في نقابة الصحفيين، بل عابرون بلا هوية. لم يفتح ملفاتهم، لم يجتمع بهم، لم يرفع عنهم ظلما، بل اكتفى ببيانات باهتة عن “التضامن” و“الاهتمام”. كلمات تحفظها القواميس وتكرهها البطون الجائعة والبيوت المهددة.

أما لجنة التحقيق النقابية فتحولت في عهده إلى ساحة تصفية حسابات. يحقق مع من يشاء، ويستثنى من يشاء، وفق الهوى والتيار والانتماء. من اقترب من دائرته نجا، ومن ابتعد عوقب. هكذا أصبحت النقابة التي كان يفترض أن تكون بيتا لكل الصحفيين، تتحول إلى مكتب حزبي صغير يدار من صالون التيار نفسه.

وفي ملف أرض الصحفيين بمدينة السادس من أكتوبر، مارس البلشي كل أشكال الارتباك والرعونة. لا جديد يُذكر سوى “إسناد بالأمر المباشر” للهيئة العربية للتصنيع، لتختار بدورها “المنفذ العقاري” الذي لم يظهر حتى الآن! أكثر من 450 ألف جنيه دفعها الزملاء منذ عشرين شهرا، وما زال المشروع حبيس الأدراج، بلا حجر وضع، ولا عقد مبرم للحاحزين.. فقط يطلبون سداد قيمة الأقساط بكل جدية بينما يتجاهلون تنفيذ المشروع بكل رعونة.

أمّا الفضيحة الكبرى فكانت ملف شقق عمارات النصر، التي تاجر بها البلشي انتخابيا، ثم ترك الزملاء بعدها يصارعون البنوك والشروط التعجيزية. تجاهل كل النداءات لتغيير بنك المصرف المتحد للتمويل العقاري، وأصر على التعامل معه رغم أن شروطه تُقصي نصف الصحفيين. لم يقبل إبرام بروتوكول مع أي بنك يسهل الإجراءات، وترك الزملاء يخسرون قيمة “حجز الجدية” البالغة 127 ألفًا ونصف الجنيه لكل منهم، المدفوعة منذ شهور، وكأن أموالهم ليست من عرقهم، ولا من عائلاتهم التي تنتظر شقة الأمل.

خالد البلشي وعد فأخلف، تكلم فخيّب، وادعى الدفاع عن الصحفيين فإذا به يدافع عن مقعده فقط. من يراقب أداءه اليوم يدرك أن النقابة تدار بعقلية “المعارضة القديمة” التي لم تتعلم من التاريخ شيئًا، وأن كل الملفات التي وعد بفتحها انتهت إلى نفس المصير، بيانات رنانة، وابتسامات خداعة، وتبريرات على المنصات.

لقد كانت الجمعية العمومية تنتظر من البلشي منقذا، فإذا بها تفاجأ بموظف بيانات، وكان الصحفيون ينتظرون قائدا، فإذا بهم يكتشفون "ناشطا" يهوى الظهور ويخشى القرار.

فهل آن الأوان لأن تعلم الجمعيّة العمومية حقيقة مواقفه، أم سنظل نعيش في زمن النقيب الذي وعد فأخلف، وصمت فخذل، وتكلم فأضاع.

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image