االإخوان ضد الفراعنة.. معركة جماعة إرهابية عمرها مائة عام مع هوية عمرها سبعة آلاف عام

تكشف الحملة التي تشنّها جماعة الإخوان المسلمين على الحضارة المصرية القديمة عن أزمة بنيوية في وعي الجماعة بالهوية الوطنية، إذ لم يكن رفضها المتكرر لأي احتفاء بالتراث الفرعوني مجرد موقف ديني متشدّد، بل تعبيرًا عن مشروع فكري وسياسي يستهدف اقتلاع المصري من جذوره واستبدال ذاكرته التاريخية بانتماء ضيق وموجّه.

يرى الكاتب حمدي رزق، في مقاله المنشور على بوابة الأهرام، أن استدعاء الجماعة لقصة “فرعون وموسى” في كل مناسبة تتعلق بالحضارة القديمة ليس سوى إسقاط ديني متعمّد على تاريخ إنساني ممتد عبر آلاف السنين، مشيرًا إلى أن الإخوان حولوا “الفرعون” من رمز حضاري إلى تجسيد للكفر والطغيان، ليبرروا رفضهم لكل ما يمت بصلة للماضي المصري قبل الإسلام.

ويصف رزق هذا المنطق بأنه “فكر غبي ومتطرف”، لا يرى في التاريخ سوى مساحة للخصومة العقائدية، ويسعى لإقناع الناس بأن الاعتزاز بجذورهم القديمة ضرب من الوثنية.

ويذهب الكاتب أبعد من ذلك، رابطًا بين العداء الإخواني للفراعنة وبين المشروع السياسي للجماعة، إذ يعتبر أن هذا الموقف ليس عفويًا، بل امتدادٌ لمخطط قديم يستهدف تفكيك الهوية الوطنية المصرية عبر تقزيم الانتماء إلى حدود الجماعة والعقيدة. فكل احتفال بالحضارة القديمة، من افتتاح المتاحف إلى ترميم المعابد، يُعد في نظر الإخوان تهديدًا مباشرًا لمشروعهم القائم على “طمس الذاكرة واستبدالها بذاكرة مستوردة”.

وفي تحليل المقال، يظهر أن الصراع لم يعد مجرد جدل حول الماضي، بل معركة رمزية بين مشروعين متناقضين وهما مشروع وطني واسع الأفق يرى في الحضارة المصرية امتدادًا واحدًا يشمل الفراعنة والمسيحية والإسلام، ويجعل من الهوية المصرية نسيجًا فريدًا متعدد الطبقات؛ ومشروع إخواني مغلق، يسعى إلى هدم هذا النسيج لصالح رؤية أحادية تحصر التاريخ في بعد ديني مسيّس، وتتعامل مع الذاكرة الوطنية كخطر يجب محوه.

ويختم رزق مقاله بأن رفض الجماعة لكل ما يرمز للفراعنة ليس كراهية للتماثيل فحسب، بل كراهية لمصر ذاتها؛ لأن الحضارة القديمة، بكل عظمتها، تذكّر المصريين بأنهم كانوا أمة عظيمة قبل أن يعرف العالم معنى الدولة، وهو ما تخشاه الجماعة التي لا تريد للمصري أن يتذكر من يكون، بل أن يبقى تابعًا لمن يُملي عليه هويته من الخارج.