«الأهرام» في مرمى انتقادات حمودة وعيسى.. وهجوم مضاد داخل الوسط الصحفي
شهد الوسط الصحفي خلال الساعات الأخيرة موجة واسعة من الجدل، بعدما وجّه الكاتبان الصحفيان عادل حمودة وإبراهيم عيسى انتقادات لاذعة إلى جريدة الأهرام، واصفين إيّاها بأنها «جريدة غير مدهشة» و«مدرسة محافظة» فقدت تأثيرها. تصريحات الثنائي فجّرت ردود فعل قوية من صحفيين وكتّاب كبار اعتبروا الهجوم «غير مهني» ويمثل «محاولة للنيل من مكانة مؤسسة الأهرام وصحافتها العريقة».
انتقادات لاذعة من محمد صلاح الزهار: «الأهرام مدرسة راسخة.. وما يقدمه حمودة وعيسى إثارة بلا عمق»
كان أبرز المهاجمين لتصريحات حمودة وعيسى الكاتب الصحفي محمد صلاح الزهار، الذي أكد أن الأهرام «مدرسة صحفية عريقة وصرح مهني هائل»، مشيرًا إلى أن ما قاله حمودة وعيسى «لا يغيّر من حقيقتها الراسخة».
وقال الزهار إن أداء حمودة خلال فترة إدارته لروزاليوسف—ومعه إبراهيم عيسى—اعتمد على «سياسة العناوين المثيرة والمحتوى الخالي من العمق»، مشبّهًا تأثيرهما بـ«ملعقة شطّة يزول أثرها سريعًا». وأضاف أن النقد الموجّه لروزاليوسف في تلك الحقبة «يخص المرحلة التحريرية التي قادها حمودة»، مؤكدًا احترامه للمؤسسة التاريخية نفسها.
كما اعتبر الزهار أن إبراهيم عيسى يمثل نموذجًا لأسلوب «خالف تُعرَف»، وهو أسلوب—بحسب تعبيره—حقق انتشارًا واسعًا في مناخ إعلامي اتسم خلال العقود الأخيرة بـ«التسفيه والتضييق والاختراق».
جلال نصّار: «حمودة لم يضف طوبة واحدة إلى تاريخ الأهرام»
وفي سياق متصل، شنّ الكاتب الصحفي جلال نصّار هجومًا مباشرًا على حمودة، قائلًا إنه منذ انتقاله من روزاليوسف إلى الأهرام «لم يقدّم مقالًا يمكن تذكره أو يقارن بأي من القامات الصحفية التي تجاوره»، مضيفًا أنه «لم ينجح في صياغة علاقة مهنية مع قارئ الأهرام، الذي يفوق مستواه الفكري ما يقدمه حمودة من مضمون يعتمد على الإثارة دون عمق».
وانتقد نصّار بشدة ما وصفه بـ«نهشٍ واضح» لمكانة الأهرام في البودكاست الذي جمع حمودة بعيسى، معتبرًا أن حديثهما عن غياب مدرسة هيكل، والتقليل من رموز الأهرام التاريخيين، يعدّ «تجريدًا للمؤسسة من إرثها المهني».
وسرد نصّار قائمة طويلة من رموز الأهرام عبر عقود—من مكرم محمد أحمد وإبراهيم نافع إلى عبد الوهاب مطاوع وصلاح منتصر وأنيس منصور ومحمود درويش—قائلًا إن «مئات من هؤلاء شكّلوا مدرسة الأهرام، ولا يمكن إنكار وجودها أو تأثيرها».
وصف نصّار البودكاست بأنه «نموذج للنرجسية المهنية» التي تجاوزت حدود النقد لتصل إلى «تشويه صريح» لمؤسسة الأهرام ولرموز الصحافة المصرية، من هيكل إلى الراحل وائل الإبراشي الذي جرى التلميح إلى أنه «يحاور ولا يكتب».
وطالب بأن يكون لرئيس تحرير الأهرام ومجلس إدارتها «موقف واضح» بشأن استمرار نشر مقال عادل حمودة على صفحات الجريدة، متسائلًا: «هل يضيف للأهرام… أم ينتقص منها؟».
واستشهد نصّار بتجربته الأكاديمية والبحثية في عواصم عالمية ومراكز إعلام كبرى، مؤكدًا أن «صحافة مصر تُعرف عالميًا عبر الأهرام، وصحفييها من خلال هيكل»، مضيفًا: «لم أسمع يومًا ذكرًا لحمودة أو عيسى في تلك المحافل مهما بلغ حجم متابعيهما محليًا».
الهجوم الذي قاده حمودة وعيسى بدا للكثيرين «خشنة غير مبرر»، فتح الباب أمام أوسع مواجهة صحفية حول معنى «المدرسة الصحفية» وحدود النقد المهني، ومكانة المؤسسات التاريخية في زمن الإعلام الهجين.
وفي مقابل الانتقادات التي وُجهت إليهما، يظل الثنائي—بحسب مراقبين—جزءًا من مشهد إعلامي اعتاد الإثارة والصدام، بينما تبقى الأهرام، برمزيتها التاريخية، موضعًا متجددًا للجدل والدفاع في آن واحد.




