«الإنشاد الديني».. إصدار جديد لهيئة الكتاب
صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات الثقافة الشعبية، كتاب «الإنشاد الديني.. دراسة مقارنة بين مصر والمغرب» للدكتور أحمد سعد الدين عطية.
يسعى الكتاب إلى دراسة التغيرات الثقافية التي طرأت على الإنشاد الديني في كل من القاهرة بمصر وفاس بالمغرب، دراسة مقارنة، في الأنثروبولوجيا الثقافية، راصدة تأثير الأفكار الجديدة والعولمة الثقافية عليه، وكيفية الاستفادة من الإيجابيات وتوظيفها وتجنب السلبيات والصراعات والأفكار الواردة من الغرب، كما تبحث أيضًا أساليب الأداء بين التقليدي والمستحدث.
ويُعد المدخل أو الوازع الديني أحد أهم المداخل التي يمكن من خلالها توصيل فكرة أو رأي معين مع ضمان تقبلها بنسبة كبيرة جداً من قبل المتلقي، وهو ما نعرفه في مجتمعاتنا العربية بالعاطفة الدينية، وبما أن الغناء هو أكثر اللغات المشتركة بين الشباب داخل المجتمعات، وأن الأغاني بأشكالها المتنوعة تُعد أحد أكثر السلع رواجاً ليس في المجتمع العربي فحسب بل في جميع أنحاء العالم.
ومن هنا أصبح بعض أنواع الغناء الذي يتبنى الكلمات الواعظة والتي تحمل في طياتها النصائح والإرشاد والتحلي بأخلاق الرسول، والأداء المميز بإظهار جمال الصوت، والطابع الديني والروحاني هو أحد أهم الوسائل والأدوات التي يتم من خلالها توجيه رسائل إلى جميع الفئات داخل المجتمع والتي تصل إليهم بشكل سريع وتلقى قبولًا كبيرًا مقارنة بأي وسيلة أخرى.
هذا النوع من الغناء بالإنشاد الديني ذا القواعد والأسس العلمية المشتقة من أنثروبولوجيا الثقافة والفن والدين حيث أن الإنشاد الديني يجمع بين الكلمة والصوت والموسيقى، وبما أن الموسيقى لغة عالمية يفهمها الجميع فيمكن توظيفها بشكل جيد لخدمة هذا الفن وإرسال رسائل سلام إلى العالم بأكمله من خلال ترجمة بعض من هذه النصوص والقصائد الدينية إلى لغات أجنبية وغنائها للارتقاء بالمشاعر الإنسانية ونشر الثقافة الإسلامية المعتدلة حتى تتغير المفاهيم الخاطئة عن الدين الإسلامي.
وفي ظل ما يشهده العالم من حولنا من تغيرات ذات وتيرة متسارعة على مستوى كافة المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية، السياسية، وغيرها من التغيرات والتي امتد تأثيرها ليتجاوز مستوى الفرد، بل قد تجاوز مستوى مجتمعات بأكملها، وامتد من مجتمع لآخر.
ومما لا شك فيه أن كل تغير من تلك التغيرات يحمل في طياته الجوانب الإيجابية وأيضا السلبية، والتي تنعكس على الفرد والمجتمع، ومن هنا فإنه لكي يتم دراسة مثل تلك التغيرات ذات النطاق الواسع والمجالات المتنوعة دراسة شاملة فإنه كان لزاما البحث عن أحد العلوم التي يكون الإنسان هو محور دراستها ولكن ليس من اتجاه واحد، بل من جميع جوانب حياته، الأمر الذي دعا إلى استخدام علم الأنثروبولوجيا لدراسة المجتمعات دراسة متكاملة، فالأنثروبولوجيا هو علم الإنسان، أو هو العلم الذي يهتم بدراسة الإنسان بنظرة شمولية، Holistic أي من جميع جوانب حياته، الثقافية، الاجتماعية، والبيولوجية، ويعد المدخل الشمولي هذا أهم ما يميز علم الأنثروبولوجيا عن غيره من العلوم التي يختص كل منها بتخصص واحد فقط، حيث إن الأنثروبولوجيا هو علم بيني interdisciplirary ذو مداخل وموضوعات متعددة Multidisciplinary، بمعنى أنه يأخذ من كل العلوم من الأدوات والمناهج البحثية ما يجعله قادرًا على الدراسة الشمولية ولا تقتصر الدراسات هو الأنثروبولوجية على زمان معين أو مكان معين.