الأربعاء 7 ديسمبر 2022 | 10:26 ص

حكاية الغورية والسلطان


قال القص والمؤرخ رشدي الدقن "لمصر الان "أن كل ركن في مصر كبيرا كان أو صغير له حكاية ورواية وشاهد علي عظمة بلدنا ٠
وأضاف الدقن  وبلغته العامية التي يفضل أن تكون حكاياته بها لاننا شعب إتربي علي سماعها من أيام قيس وليلي وعبلة وعنتر وغيرهم ٠
قال الدقن :فيه شوارع وأنت ماشى فيها تحس أنك رجعت 500 سنة فجأة .. من الشوارع دى شارع الغورية .. الشارع اللى كل ركن فيه له حكاية .. ريحة المسك والبخور والعطارة ماتعرفش طالعة منين .. بس بتاخدك لدنيا تانية .. تحس فعلا أنك عايش فى عصر المماليك .. دكاكين بتبيع أقمشة وملابس وهدايا ومفروشات للعرايس .
فى الغورية هتلاقى أقمشة تنجيد وأقمشة للسواريهات..ملابس مستوردة  وملابس مصنوعة فى مصر .. مفارش وبطاطين ..يعنى مافيش عروسة بتتجهز مش هتروح الغورية .
طب إيه بقا حكاية الغورية .. واسمها ده جاى منين وإيه حكاية الشارع ؟
اسمع منى التفاصيل 
الغورية من أعظم الأحياء التاريخية فى القاهرة .. عمرها 500 سنة واتسمت على أسم السلطان المملوكى قنصوة الغورى .. وده كان راجل عظيم ورغم أنه تولى الحكم بعد الستين من عمره إلا أنه قدر يخرج مصر من حالة الفوضى اللى عاشتها فترة طويلة جدا بسبب صراع المماليك على الحكم .. أعاد الأمن والأمان للشوارع وتغلب على كل الأزمات الإقتصادية وبدأت أحوال الناس تتحسن .
حى الغورية يعتبر متحف ضخم مفتوح للآثار الإسلامية من العصور الفاطمى والأيوبى والمملوكى، فيه باب الفتوح وجامع الأقمر وتكية السلحدار والمدرسة الكاملية.
السلطان الغوري كان راجل بيحب الفن وبيقدر الجمال علشان كده ساب لنا أثار مهمة زى قبة الغورى والتحف الثمينة اللى جمعها من كل بلاد العالم .. وبنى قنصوة الغوري مجموعة معمارية مهمة في تاريخ العمارة واللى بتتكون من وكالة الغوري - مسجد الغوري - قبة وسبيل وكتاب ومدرسة الغوري.
ووكالة الغورى بناها مخصوص علشان التجارة .. وكان الدور الاول فيها دكاكين بيتباع فيها كل اللى التجار بيجيبوه معاهم فى رحلتهم من كل مكان فى العالم .. والدور التانى كان مخصصة لإقامة التجار  ومبيتهم طول فترة السوق اللى كان بيتعمل فى مصر فى مواعيد محددة ... مش بس كده الوكالة كان فيها كمان أماكن لتخزين السلع  والمحاصيل وأماكن للدواب .
ولحد النهاردة وكالة الغوري لسه بنفس شكلها اللى اتبنت بيه من 500 سنة .. نفس الطابع المعمارى .. صحن كبير وحواليه محلات جنب بعض .
إذا كانت دى حكاية الوكالة .. إيه بقا حكاية السلطان الغورى نفسه .
أسمع منى الحكاية
"الغورى" من أشهر سلاطين المماليك .. شهرته دى جت من أنه السلطان قبل الأخير فى تاريخ الدولة المملوكية .. كان راجل قوى وحكيم .. ولما سليم الاول السلطان العثمانى حاول يحتل مصر ويستولى على خيراتها تصدي له بشجاعة .. وجهز جيش قوى وفى المعركة اللى سجلها لنا التاريخ بإسم معركة مرج دابق .. السلطان الغورى كان بيحارب بنفسه رغم أن عمره وقتها كان 75 وكان هينتصر فعلا على العثمانيين لولا الخيانة اللى عملها قائد من القوات أسمه "خاير بك" والمصريين من يومها سموه "خاين بك" ..خاير بك أتفق مع العثمانيين إنه ينسحب بقواته فجأة من المعركة علشان ينهزم السلطان الغورى ... فى مقابل أن العثمانيين يعطوه حكم مصر بعد الإستيلاء عليها ... وفعلا أنهزم السلطان الغورى وأستشهد فى المعركة وهو بيدافع عن بلده .
الخلاصة فى كلمتين زى ما عودتكم .
"الغورية" خلدت أسم سلطان عظيم ... واستمرت المحلات والوكالات فيها تبيع وتشترى من 500 سنة .. واتسجلت المبانى اللى فيها مبانى أثرية .. ورممتها الدولة المصرية واتحولت لمركز ثقافى وفنى شاهد على عظمة المصريين .