الخميس 26 ديسمبر 2024 | 08:39 م

د. مي تاج الدين: تخزين الطعام بشكل خاطيء عواقبه وخيمة و هذه هي ضوابط التخزين

شارك الان

هناك أكثر من 200 مرض يصيب ما يزيد عن 600 مليون شخص بالتسمم الغذائي سنويًا من بينهم 420 ألف حالة وفاة، بحسب تقرير سابق ينسب لمنظمة الصحة العالمية عن «التسمم الغذائي ومخاطره على البشر»، يناير 2022. 

تثير هذه الأرقام المفزعة تساؤلات حول مدى أهمية متخصصي سلامة الغذاء في حياتنا، ودور مؤسسات العالم بكافة مؤسساته في مواجهة التحديات التي تواجه عوام البشر ممن يجهلون الخطوات التي يجب عليهم اتباعها؛ لاجتناب خطر التسمم الغذائي، في وقت يتعامل فيه أغلب سكان الوطن العربي بشكل عام ومصر بشكل خاص، مع قضية سلامة الغذاء برعونة تصل إلى حد الاستهتار بهذه المسألة الفيصلية؛ وكأن عدم التدقيق في سلامة ما يدخل بطونهم لن يكبدهم ضيرًا أو سوءًا؛ فهو استهتار يرفقه جهل بقواعد السلامة الغذائية التي ينبغي اتِّباعها والتي تشمل جُلَّ ما نتتاوله ونشربه في حياتنا اليومية. 

هذه المعضلات طرحناها في مقابلة حصرية لـ«مصر الآن» مع الدكتورة مي تاج الدين، الطبيبة البيطرية واستشاري مجال صحة وسلامة الغذاء، والتي شاركت في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في نسختها الماضية، ضمن فريق سلامة الغذاء مع الفيفا؛ للتفتيش ومراجعة ‏الطعام المقدم في عدد كبير من الفنادق والاستادات والأماكن التابعة للفيفا خلال الحدث الرياضي الأبرز عالميًا.

تتحدث مالكة صفحة "FoodZone"، والتي تجاوز عدد متابعيها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» حاجز الـ 280 ألف متابعًا؛ عن سبب اختيارها تخصص الطب البيطري مجالًا لها.

كما تتحدث تاج الدين، والتي تخرجت في كلية الطب البيطري جامعة بنها 2014، عن أزمة المناخ وهل تعد سببًا من الأسباب المهددة لسلامة الغذاء، وعن كيفية الدولة مع التأثير المتزايد لتغير المناخ وأثره على الأمن الغذائي والتغذية.

•التخرج في كلية الطب البيطري جامعة بنها

تقول «تاج الدين» أنه مع نهاية 2009 لم تكن آنئذ سوى طالبة انتهت لتوها من اختبارات المرحلة الثانوية وتنتظر النتيجة، وكانت تتعلق آمالها بالالتحاق بكلية الطب البشري حالها حال الكثير من يتمنون هذا الحلم، إلا أن التنسيق أطاح بأحلامها، ليبقى اختيارها فقط على كلية الطب البيطري.  

تضيف تاج الدين - ذات الـ 32 عامًا - أول طبيبة مصرية تشارك في الإشراف على سلامة الغذاء في موسم الحج 2023: «مع ظهور نتيجة التنسيق معلنة التحاقي بكلية الطب البيطري؛ أُصبت بحالة اكتئاب بعد أن تهدمت أحلامي وطالتني ظلمات الظلم أو هكذا كنت أعتقد، لكن مع مرور الوقت ذهب الاكتئاب إلى حال سبيله».

يرتطم أغلب من يحترف المجال البيطري في مصر بسيل من العبارات العنصرية من المجتمع المصري تجاههم، والتي تجعل الكثير منهم في محض عدد من التساؤلات حتى وإن لم يبوحوا بها في العلن؛ عن سبب ازدراء المجتمع المصري للطبيب البيطري، وما سر التفرقة بينها وبين نظيرتها البشرية، وفي صدد هذا الأمر تشير «تاج الدين»: «مع خطواتي الاولى داخل الكلية، كنت أواجه صعوبة في التقبل نظرًا للقيل والقال من بعض الناس حول المجال البيطري، رغبتي كما أشرت كانت تصب حول الالتحاق بكلية الطب البشري واحتراف الجراحة، ولكن سرعان ما أيقنت مدى التأثير الكبير للطب البيطري على قطاعات عديدة في الدولة، سواء من الناحية الاقتصادية أو الصحية أو غيرها من القطاعات بشكل غير مباشر، وزاد تعلقي بالمجال رويدًا رويدا، بيد إنني اليوم أشعر بالانتماء والمسؤولية تجاه هذا المجال وأعمل دائمًا على مساعدة الطلاب والخريجين؛ لإيجاد تخصصهم المناسب ليكون لكل واحد منا جزءًا مؤثرًا في ركب التنمية».

•الإشراف على سلامة الغذاء في الحدث الرياضي الأضخم

من رحم المعاناة يولد الأمل، وما نراه اليوم محنة قد يتبدل بين ليلة وضحاها إلى منحة وهبة ربانية تلك التي قادت «مي» إلى تحقيق حلم كبير في سن صغيرة، والتي توج باختيارها بالعمل مع «الفيفا» ضمن أطقم التفتيش عن سلامة الأغذية للجمهور والمنتخبات المشاركة في مونديال 2022 في نسخته المنصرمة.

وعن هذا الإنجاز المهني تشير بنت قرية القلج بمحافظة القليوبية (إحدى محافظات القاهرة الكبرى): «قبل انطلاق مونديال قطر 2022، الصدفة قادتني إلى أحد إعلانات الشركة المسؤولة عن تنظيم المونديال، فلمعت عيناي وقررت أن أخوض التجربة، فقمت بالتقديم وبعد سلسلة من المقابلات مع الجهات المعنية بملف سلامة الغذاء في البطولة، تخطيت المقابلات بنجاح،و تم اختياري من ضمن فريق المفتشين المسؤول والذي بيضم أكتر من 10 جنسيات مختلفة للمشاركة في هذا المحفل الدولي».

تكمل «تاج الدين»: «توليت على عاتقي مسؤولية  عدد من المنتخبات لأكون خير من يراقب مدى أمان التغذية لبعثاتهم، كان دوري المتابعة والتفتيش على سلامة الأغذية لعدد من المنتخبات وهي: (فرنسا، واليابان، وقطر، والسنغال)، مهمتي تمثلت في التفتيش اليومي وكتابة التقارير وسحب عينات الطعام، وأخذ المسحات اليومية عن عدد من الأماكن تتضمن (مصانع الأغذية، الفنادق المستقبلة للمشجعين والمنتخبات، مراكز التدريب للمنتخبات المختلفة)،  كانت تجربة ملهمة لأبعد حد».

•سلامة الغذاء أولويتنا الأولى

يغيب عن كثير من المصريين مفهوم سلامة الغذاء، إذ يعتبر البعض أن الأمر متعلق فقط بالصلاحية دون غيرها، فالكثير يقابل النصائح العلمية الخاصة بسلامة الغذاء بامتعاض، فإن عاتبناه سَخِط، وإن حاولنا إقناعه ضحك، والبعض يكابر ويغالط نفسه عن جهل بأهمية تخصص سلامة الغذاء وعلاقته الوطيدة بصحة المواطن.

 وعن ذلك تؤكد استشاري سلامة الغذاء التي أشرفت على تدريب أكثر من 25,000 متدرب في مصر والوطن العربي لإمدادهم بمجال سلامة الغذاء وتقليل الهدر الغذائي، أن «جهل البعض بمفهوم سلامة الغذاء يرجع بشكل كبير إلى نقص الوعي بمخاطر التلوث الغذائي، حيث يعتقد البعض أن الصلاحية هي العامل الوحيد، فيجب أن ندرك أن التلوث الميكروبي قد يحدث نتيجة سوء التخزين أو التعامل الخاطيء مع الطعام؛ مما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض».

تتابع «مي»: «للحد من خطر تفاقم من تزايد مصابي التلوث الميكروبي يتوجب علينا كمتخصصين سلامة الغذاء زيادة حملات التوعية بسلامة الغذاء على المستوى المحلي والعالمي فهي أولويتنا الأولى، وتطبيق معايير صارمة على سلسلة إنتاج الأغذية، من المزرعة إلى المستهلك، وتدريب العاملين في مجال الأغذية على الممارسات الصحيحة، وتحسين قوانين وتشريعات سلامة الغذاء ومتابعتها بشكل دوري».

•تخزين الطعام له ضوابط

قدمت «تاج الدين» بعض النصائح لتخزين الطعام بطرق علمية تضمن سلامة المستهلك وتقول: « تخزين الطعام بشكل خاطئء كوارثه وخيمة، يلزم على المستهلك تجنب تخزين الطعام لفترات طويلة خارج الثلاجة، مع التأكد من تغليف الأطعمة جيدًا لتجنب التلوث، وتخزين اللحوم في أكياس مخصصة داخل الفريزر وكتابة تاريخ التخزين عليها، وعدم إذابة الطعام المثلج وإعادة تجميده مرة أخرى».

•المناخ وتأثيره على الأمن الغذائي

اختتمت «تاج الدين» حديثها عن علاقة المناخ وتأثيره على الأمن الغذائي وعن كيفية تعامل الدولة المصرية مع التأثير المتزايد لتغير المناخ على الأمن الغذائي والتغذية وتؤكد: «بجانب الجهود الحكومية، أرى أن زيادة وعي المستهلك تعد العامل الأساسي في مواجهة هذه التحديات، يجب أن نركز على توعية الناس بأهمية تقليل الفاقد الغذائي، مع اختيار المنتجات المحلية؛ لدعم المزارعين، وتبني ممارسات مستدامة في حياتهم اليومية، كما يمكن للمؤسسات والجمعيات الأهلية المشاركة في تعزيز هذا الوعي من خلال حملات إعلامية ودورات تدريبية مكثفة».